IMLebanon

عندما تصبح الفيدرالية خشبة خلاص للمسيحيين

هل هي «زلة لسان» او موقف متعثر لزعيم الرابية ام هي رسالة سياسية وموقف معبر ام طرح جدي وقائم الى النهاية، تتعدد وتكثر التساؤلات بخصوص طرح رئيس تكتل الاصلاح والتغيير مؤخراً للفيدرالية . فثمة من يقول ان عون اكثر من جدي ومتمسك بهذا الطرح ويريده عون بقوة بناء على اسباب عديدة وواقعية واحداث حتمت هذا الطرح، وثمة من يرى ان عون رمى كلامه رمية الرامي المحترف ليصيب عدة عصافير بحجرالفيدرالية نفسه وهو الذي يتعرض للاستفزاز من اخصامه السياسيين ولحرب مفتوحة من المستقبل فقرر ان لا يستسلم ويرمي كل اوراقه وهو يقدم الاقتراحات والطروحات والمبادرات للانقاذ الواحدة تلو الأخرى ، وثمة من يؤيد الطرح ويدعمه بالسر وثمة من يتكتم على الموقف منه وثمة من يعارضه بشدة فالمواقف والروايات تتعدد لكن الأرجح ان عون «الحريف» في السياسة والامن لا يمكن على مشارف خريفه السياسي ان يطلق الكلام لمجرد الكلام او ان يرمي كلاماً بهذا الحجم الخطير ليجرفه «النهر السياسي الجارف» بل الارجح ان موقف عون مبني على وقائع ومعطيات ومعلومات.

بدون شك فان طرح الفيدرالية ليس طرحاً عادياً كما تقول اوساط سياسية كما انه ليس طرحاً جديداً على الساحة السياسية بل هو طرح الميليشيات المسيحية في زمن الحرب الاهلية التي خيضت لعدة اسباب حتمت هذا الطرح حينها، إلا ان الفيدرالية على ايجابياتها وضرورتها في مرحلة الحرب وزوال الكيانات دونها موانع وحواجز كثيرة لبنانياً، فلا يمكن اعتمادها في لبنان وسبق ونوقشت في اللجان النيابية منذ سنوات عديدة ليتبين ان الشعب والدولة والنظام ليسوا في جهوزية لها فللفيدرالية عقبات كثيرة سياسية ومنها ما يتعلق بالتقسيم مناطقياً وجغرافياً وطائفياً.

العارفون في كواليس الرابية يبررون طرح الجنرال بعدة نقاط ووجهات نظر، فمبادرة الجنرال الى الفيدرالية الخيار الذي رفضه عون في الحرب لم يأت من العدم او بناء على ورقة النوايا مع القوات وان كانت معراب ايضاً والاحزاب المسيحية يرتاحون للفيديرالية، بل ان ما قاله عون يأتي بعدما ضاق الأفق سياسياً بالمسيحيين وما يمكن ان ينتج في المنطقة من تحولات قد لا تصب في المستقبل ربما لمصلحة المسيحيين وبقائهم في الشرق. فثمة معطيات وتقارير مخيفة على صلة بالتغيير ورسم الخرائط المستقبلية للمنطقة ولبنان تلحظ معلومات ومستقبلاً دراماتيكياً للمسيحيين والإقليات بعد التحولات وما لحق بالمسيحيين المشرقيين ، فلبنان تحول الى ملجأ للمسيحيين الهاربين من بطش التكفيريين من العراق وسوريا وهو قد يصبح مهدداً لاحقاً بالمستقبل خصوصاً ان هناك خرائط جديدة توضع للمنطقة بالتقسيم والكيانات المذهبية والطائفية، ولعل الطرح الفيدرالي ليس بعيداً عما تريده الفاتيكان اليوم فالحبر الأعظم الذي يكثر موفدوه زياراتهم الى لبنان ينقلون مخاوف على مستقبل المسيحيين فيه بعد الفراغ في كرسي بعبدا وما حل بمسيحيي الشرق.

وفيما تعطي الاوساط كل الحق لعون في طرحه انطلاقاً من خوفه على المسيحيين ومن الخلل الذي اصاب التركيبة السياسية والطائفية وهو الذي يخوض معركة الرئاسة الاولى منذ حوالى العام بوصفه الأحق بها لانه رئيس اكبر تكتل مسيحي في المجلس النيابي ولفك طوق المستقبل عن المواقع المسيحية وإزالة التهميش الذي لحق بالمسيحيين في الدولة منذ الطائف وحيث يستمر «المستقبل» بفرض الحصار على الزعامات المسيحية ومحاولة تكبيلها لعدم المطالبة بحقوقها.

فالفيدرالية بحسب منطق البعض على محاذيرها ربما تكون المنقذ للمسيحيين والاقليات في الشرق في حال تطورت الامور سلباً في سوريا خصوصاً ان المخاوف بدأت تكبر عن احتمال سقوط حمص بايدي التكفيريين ولما لذلك من انعكاسات لبنانية محتملة، لكن هذه النظرية بحسب اوساط 8 آذار قد لا تصح لأن المراهنين على سقوط النظام السوري ويستمرون بالرهانات الخاطئة منذ بداية الازمة السورية سيصابون بخبية اضافية، فالجيش السوري الى جانب حزب الله والدعم الامني الايراني تمكن من استرجاع مناطق سورية كثيرة سقطت بايدي التكفيريين وبالحفاظ على الدولة السورية رغم كل مخططات التقسيم.

لكن هل تشاور عون مع حلفائه في الخط السياسي نفسه قبل ان يطلق المبادرة، وماذا يمكن ان يكون رأي حلفائه او الحليف الاساسي حزب الله من المسألة؟ تقول الاوساط ان حزب الله لم يعلق على الموضوع ربما لانشغالاته بعناوين اخرى والمعارك القتالية في السلسلة الشرقية واما لكي لا يقلق الساحة السياسية المنشغلة بفضائح و«يكيليكس» و«ليكس» سجن رومية اكثر، لكن في العموم فان عون لا يمكنه ان يزعج حزب المقاومة او يضايقه في اي طرح او موقف في هذا التوقيت الحرج والساخن اقليمياً ولبنانياً، وثمة من يقول ان حزب الله يتفهم هواجس الجنرال ومخاوفه من نشوء دويلات دينية وربما ما يريده عون والحزب يلتقيان معاً، فحزب الله يريد المؤتمر التأسيسي الذي اقلق الاخصام والاعداء الذي قد يقود في احد الايام الى الفيدرالية وعون اطلق الفيدرالية في وقت لاحق والآتي لا احد يعرف ما سيكون عليه.