عندما يصبح فؤاد فليفل حليفاً.. للجنرال!
عون «لا يساوم» على رفض التمديد للقيادات الأمنية
لا يبدو العماد ميشال عون بصدد التهاون أو التساهل مع اي تمديد آخر للقيادات الأمنية، وهو الذي لم يهضم بعد التمديد السابق، وبالتالي فإنه ليس مستعداً للمساومة أو المقايضة على موقفه، كما يجزم مناصروه.
وعلى قاعدة إبقاء كل الاحتمالات مفتوحة، يحتفظ الجنرال لنفسه باختيار الورقة التي سيلعبها في التوقيت المناسب، اذا لم يتم تعيين قائد جديد للجيش ومدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي، تاركاً للآخرين، حتى ذلك الحين، ان يجتهدوا في التقديرات.
وإذا كان هناك من يعتقد أن تحذيرات عون من مغبة استسهال التمديد، إنما تندرج في إطار التهويل والحرب النفسية ليس إلا، فإن العارفين بما يفكر به الجنرال ينصحون بتصديقه والتقاط رسائله، قبل وقوع المحظور، لأنه مصمم فعلاً هذه المرة على الذهاب بعيداً في المواجهة، إذا فُرضت عليه.
بالنسبة الى الجنرال، لا شيء يمكن ان يبرر التمديد للقيادات الأمنية، حتى لو كان الأمر يتعلق بغياب رئيس الجمهورية الذي يكون في العادة صاحب كلمة اساسية في اختيار قائد الجيش، لا سيما أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة.
من وجهة نظر عون، تكتسب القوانين المستمدة من الدستور ومبدأ الانتظام العام أهمية تتفوق على الاشخاص، أياً كانت مواقعهم وتصنيفاتهم.
بهذا المعنى، تعتبر الرابية أن للقانون قوة دفع ذاتية تجعله أقوى من رئيس الجمهورية، سواء كان حاضراً أم غائباً، بل إن مهمة الرئيس هي في الأصل حماية القوانين والدستور، وبالتالي فإن انتهاء خدمة القيادات الأمنية يستوجب تلقائياً أن تبادر الحكومة الى تعيين قيادات بديلة، عملاً بالأصول المرعية الإجراء.
وقد اتى قرار الحكومة في جلستها الاخيرة بتعيين مدير عام لمجلس الوزراء هو المحافظ فؤاد فليفل، مكان سهيل بوجي، ليقدم خدمة مجانية الى الجنرال ويعزز أوراقه في معركته ضد التمديد للقيادات الأمنية.
ويمكن القول إن حجة عون باتت أقوى بكثير الآن في مواجهة المتحمسين للتمديد، إذ إن الحكومة التي تستطيع تعيين مدير عام لمجلس الوزراء، وهو منصبٌ بارز، تستطيع تعيين قائد للجيش ومدير عام لقوى الأمن الداخلي، على قاعدة وحدة المعيار والمقياس.
أما التذرع بعدم وجود رئيس الجمهورية للتهرب من استحقاق التعيين، فلا يُقنع الجنرال، لأن صلاحيات الرئيس انتقلت بعد الشغور الى الحكومة مجتمعة، حيث بات يوجد 24 رئيساً بدل رئيس واحد.
وأبعد من السجال حول هذا الملف، ينبه مقربون من الجنرال الى ان الإصرار على التمديد للقيادات الأمنية لا يعني سوى استكمال نحر اتفاق الطائف وتثبيت عجز النظام، الأمر الذي من شأنه ان يدفع في اتجاه طرح خيار المجلس التأسيسي بقوة، محذرين من أن التمديد سيكون بمثابة آخر مسمار في نعش «الطائف».
ويؤكد هؤلاء ان عون ليس بصدد التراجع مهما كلف الثمن، وسيخوض التحدي حتى النهاية، لأنه لن يقبل باستباحة كرامة المؤسسات الأمنية ومعنويات ضباطها، تماماً كما لن يقبل بالإلغاء او الاحتواء المتدرج لدوره.
ويستغرب أهل الرابية هذا العبث بالمؤسستين الضامنتين للاستقرار اللبناني في زمن الفوضى الإقليمية، وهما الجيش وقوى الأمن، متسائلين عن الحكمة من تعريضهما للتجاذب السياسي، بينما المطلوب تحصين الإجماع الحاصل حولهما.
ويشير العارفون بتوجهات الرابية الى ان الحرب على الإرهاب ليست مبرراً للتمديد، وفق ما يروج البعض، بل هي سبب إضافي وجوهري لتجديد حيوية المؤسسة العسكرية وقوى الأمن، لأن مثل هذه الحيوية تفيد في تعزيز الجهوزية ضد الإرهاب.
ويرى المحيطون بالجنرال أن على وزير الدفاع تحمل مسؤولياته وعدم التبرع بتغطية التمديد لقائد الجيش مرة أخرى، عبر قرار إداري يتخذه، لافتين انتباهه الى ان هذه القضية أكبر منه، وهو ليس مضطراً الى ان يأخذها على عاتقه ويتحمل أوزارها، منبهين الى ان تكراره لهذه المخالفة سيجعل من إحالته الى محكمة الرؤساء والوزراء ضرورة، لتجاوزه حدود السلطة.
ويخلص هؤلاء الى توجيه الرسالة الآتية لمن يهمه الأمر: ننصحكم بألا تجربوا الجنرال.