ألم يكن أكرم للرئيس تمام سلام لو حوّل جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة الى ندوة نقاشية وإتخذ فيها القرار الذي أصدره إثر جلسة يوم أمس الخميس بالأخذ في عين الإعتبار «البعد السياسي» والفسح في المجال «أمام مزيد من التشاور»؟.
لماذا كان الأكرم له لو فعل ذلك؟
الجواب ببساطة لأنه أعطى أمس التيار الوطني الحر ذريعة ثابتة بالوقائع! كيف؟ كان التيار، وما زال، يردّد أنّه لو قاطع حزب اللّه أو وليد جنبلاط أو حركة أمل أو تيار المستقبل أي جلسة لمجلس الوزراء، فهل كانت ستعقد؟ فلماذا تعقد الجلسة عندما يقاطعها الفريق المسيحي الأكبر؟
وبالفعل، ما ان قاطع حزب اللّه، أمس، الجلسة، متضامناً مع التيار الوطني، حتى حوّلها الرئيس سلام الى منتدى للتداول، ولم يمض في بحث أي بند من جدول الأعمال، ورفع الجلسة معلناً أنه «سيُعطي المجال أمام مزيد من التشاور في الأزمة الراهنة لإعطاء فرص جديدة لإيجاد الحلول». هذا كان بيت القصيد في ما جرى أمس على صعيد الوضع الحكومي وعقد الجلسات أو عدم عقدها.
أما الكلام الآخر الذي ورد في البيان الصادر بالحديث عن الشغور الرئاسي وانعكاساته السلبية، مروراً بتعليق جلسات الحوار الوطني الذي أضاف أخيراً عنصراً سلبياً جداً الى المناخ السياسي العام (…) وبما أعقب ذلك من تصعيد التوتر السياسي والتشنج داخل مجلس الوزراء (…) ولا حلول قريبة في المنطقة… والأهم: «جلسة اليوم دستورية وميثاقية ولكن (… هذه الـ»ولكن» المهمة…) لا نستطيع إلاّ أن نأخذ بعين الإعتبار بعدها السياسي المستجد»…
ومن الأبرز في البيان وأشرنا إليه آنفاً وهو ان سلام أعلن أنه «سيعطي المجال أمام مزيد من التشاور في الأزمة الراهنة لإعطاء فرص جديدة لإيجاد حلول»…
ولكن لماذا لم يأخذ دولته «بعين الإعتبار البعد السياسي» (ولا يريد أن يقول الميثاقي، فلا بأس) عندما كانت المقاطعة من التيار الوطني الحر، قبل أن يقاطع حزب الله؟!.
ولماذا لم «يعط المجال أمام مزيد من التشاور في الأزمة الراهنة لإعطاء فرص جديدة لايجاد حلول»؟!
فعلاً اننا نكاد لا نعرف في تمام بك الحالي ذلك التمام بك الذي عرفناه سابقاً، خصوصاً وان الرجل ليس ممن يستطيع أحدٌ أن يزايد عليه في الوطنية والميثاقية!
ألا يدرك دولته وجمهرة المستشارين أن هذا الفارق في المعاملة مع أطياف الوطن بين جلسة لمجلس الوزراء وجلسة ثانية تالية يزيد من التشنج ويعطي صدقية للفريق الذي يدفعونه دفعاً الى السلبية ومخاطرها؟!.
أما بعض العناترة الصغار الذين «يسمّعون» كلاماً لقّنوهم إياه وهو أكبر منهم بكثير، فقد ذابت ذات زمن غير بعيد إطارات سياراتهم على طريق عنجر وذاب معها الكثير مما يذكر ولا يُذكر على أعتاب رستم غزالي.