Site icon IMLebanon

عندما تخرج «منظومة» إعلام «حزب الله» عن نظام.. الأمين العام

وأخيراً، خرجت بعض أقلام المنظومة الإعلامية لـ»حزب الله» عن صمتها، واستشرفت تبعات «الإتّفاق النووي» على لبنان والمنطقة. ألم يقل الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، مستنداً الى «المعلومات وليس التحليل»، إن «المفاوضات بين إيران ومجموعة الـ»5+1» انحصرت بالملف النووي»؟ يبدو أن كلام السيّد لم يكن دقيقاً، أو ربّما تغيّرت المعطيات.

وجّهت «المنظومة» رسائل داخلية وخارجية، عنوانها ان « لبنان سيدفع ثمن هذا الاتفاق». هذه الرسائل، قامت على أساس «مظلومية» بعض المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي اللبناني، دون ان تستبعد استخدام السلاح، إذا لزم أمر تغيير الواقع.

بات الكلام الإعلامي «على المكشوف». كل ذلك يمهّد الطريق ليصبح هذا الكلام، كلاماً سياسياً يُطلق على المنابر وفي الخطابات الرنّانة. فعلى الرغم من اتّهام نصرالله، في خطابه الأخير، قوى «14 آذار» بـ»التخبّط» وبالتسويق لفكرة ان «حزب الله» يريد السيطرة على لبنان وإنهاء الطائف، خرجت «المنظومة» لتناقض كلام السيّد، حيث اعتبرت إن «اتفاق الطائف لم يعد صالحاً ولا سيّما مع غياب ضابط إيقاع في لبنان «! ما معنى أن يقول «صندوق البريد»، إن «الطائف لم ينتج حلولاً، بل صدر عن أزمة عصفت بالبلاد لمدة 15 سنة، واصبح عبئاً يُنتج المشاكل والأزمات»؟. ويتابع قائلاً، «إن المكوّن الشيعي يملك قدرة عسكرية يلوّح بها لأنه لا يملك صلاحيات تنفيذية، إلّا عبر مجلس الوزراء الذي يضع رئيسه جدول اعماله، وأصبح المُكوّن المسيحي يتمتّع بصلاحيات أقل بكثير، ونوابه يُنتخبون من السنّي والشيعي، ولا صوت للرئيس المسيحي في الحكومة. لهذا يلجأ الى الشارع لأنه لا يملك شيئاً يخسره ولا يتمتّع إلّا بالدعم الشيعي المسلّح والجاهز لاستخدام نفوذه وثقله السياسي وحتى العسكري اذا لزم الأمر»؟، هكذا بالحرف والفاصلة والنقطة.

بفجاجة غير مسبوقة، يعترف إعلام «حزب الله» للمرة الأولى، ويعلن على الملأ، ان قدرة الحزب العسكرية جاءت نتيجة عدم امتلاكه صلاحيات تنفيذية في النظام اللبناني. حتى انها كشفت عن حقيقة معادلة «الشعب والجيش والمقاومة»، التي بنى الحزب تحت ستارها دويلة لا تُسأل عما تفعل. قالت بصريح العبارة، و«بلا مستحى«، إن رفض الحزب لإعلان «بيروت مدينة منزوعة السلاح»، ووقوفه بوجه إعلان «طرابلس مدينة خالية من السلاح»، لم يكن بهدف التصدّي للعدو الإسرائيلي! بل لأن الحزب، يستطيع أن يعوّض عدم إمتلاكه للصلاحيات التنفيذية بـ»السلاح» والفوضى. كم شهيد، مدني وعسكري، سقط في لبنان بفعل سلاح الزواريب؟ ألا يخجل إعلام «حزب الله» من الاعتراف بأن القمصان السود وميليشيات 7 أيار، وسلاحهم، الذي قُدّس ووُضِع في صلب «المعادلة الذهبية»، انما جاء لتغيير معادلات بالقوة، فشل في تحقيقها من خلال الدستور. ألا يخجل إعلام الحزب من التلويح باستخدام قوّته العسكرية في الداخل، بعد أيام قليلة على دعوة نصرالله الأفرقاء في لبنان الى العمل على تثبيت الاستقرار؟

لكن ما هي السيناريوات المرسومة؟

يتابع «صندوق البريد» إرسال رسائله لمن يهمّه الأمر، فيعتبر، انه «من غير المستبعد ان يحضّر حزب الله نفسه لمواجهة خطر عظيم يأتيه من عدم استقرار الاوضاع في لبنان، لجهة تعاظم الخطر التكفيري، واخيراً من اسرائيل نفسها (المناورات الفجائية) لإجباره على اتخاذ مبادرة «الى الوراء» وسحب نخبة قواته ليدافع عن وجوده في لبنان، ما سيُلغي فكرة ان اولية حزب الله هي حمص او حماة او تدمر او حلب او بغداد». هنا، يضع «حزب الله« سيناريوين لسحب مقاتليه من كافة الجبهات باتجاه لبنان. الاول، العودة لمواجهة تعاظم الخطر التكفيري. والثاني، احتمال قيام اسرائيل بعدوان على لبنان. لكن هل فعلاً يتعاظم الخطر التكفيري في لبنان؟ ألم يقل السيّد انه ذهب الى سوريا ليحمي لبنان من الخطر التكفيري؟ ألم يقل ان اللبنانيين والمقيمين السوريين والفلسطينيين في لبنان عيّدوا عيد الفطر بأمان وسلام بفضل دماء وتضحيات «المقاومين»؟ اما في الحديث عن خطر العدوان الاسرائيلي، فإن مصادر مطلعة توضح لـ»المستقبل»، ان «حزب الله« يعلم جيّداً ان ما قبل الاتفاق النووي ليس كما بعده، وأن اسرائيل قد تنقضّ عليه في زمن تحاول «إيران روحاني» تقديم اوراق اعتماد لدخول المجتمع الدولي. 

وفق كلّ ما تقدّم، تخرج «المنظومة» بخلاصة بصيغة الاستفهام، قائلة إن «حزب الله لن يتردّد باستخدام اقصى ما يملك من قوة تدميرية في حال الحرب مع اسرائيل، ولذلك فإن الثمن سيكون باهظاً داخل لبنان وخارجه من دون استثناء«، فهل تتحمّل المنطقة ان تُقلب الطاولة على رأس الجميع؟ من الممكن ان تكون الاجابة نعم». 

إذاً، الاجابة هي نعم. هذه النعم تحمل الكثير من المعاني. «المنظومة» هنا لا تتحدّث بإسم ايران، بل ربما تبعث برسائلها الى ايران. رسالة الى «إيران روحاني»، وهي ان «حزب الله«، الذي قدّم الكثير من التضحيات، لن يسمح بأن يكون ضحية الاتفاق النووي وانخراط ايران في المجتمع الدولي. وهي رسالة الى «إيران الحرس الثوري»، ومفادها ان نظاما لبنانياً جديداً يمكن ان يكون البديل عن انتهاء صلاحية «مشروعية» مقاومة إسرائيل. المنظومة الإعلامية لـ»حزب الله« تناقض كلام السيّد ؟ هو تخبّط يعكس التخبّط الايراني ما بعد بعد «النووي».