يُفاخر أحد كوادر «حزب الله»، وهو يتحدّث بين مجموعة من أبناء الحيّ الذي يسكنه في الضاحية الجنوبيّة، عن أطفال القلمون السوريّة وتسخير الحزب لهم، من خلال تشغيلهم في حفر الخنادق وبناء الدشم التي يبنيها بعد دخوله والنظام السوري الى عدد من القرى، ومن بينها بلدتا «عسال الورد» و«الجبّة» لفترة ساعات طويلة بشكل يومي مقابل بدل مادي لا يصل في حدّه الأقصى إلى الألف ليرة لبنانية للطفل عن يوم كامل.
تستغل عناصر الحزب وجيش النظام المتواجدة في القلمون حالات الفقر التي يعيشها أبناء القرى والبلدات هناك والمحاصرون منذ سنوات، بأعمال لا تقوم بها عادة سوى الجيوش الغازية، وهي إجبار الأطفال على حفر الأنفاق وتكسير الصخور بالإضافة إلى أعمال اخرى تتعلّق بنقل المعدّات والاعتدة العسكرية بالإضافة إلى نقل الصواريخ وذخائر أخرى موضوعة في صناديق خشبيّة من مكان إلى آخر مقابل بدل مادي لا يُوازي ثمن ربطة خبز أو علبة دواء في أقصى الحالات تقيهم حالات الغثيان التي يتعرّضون لها من جرّاء عملهم اليومي تحت أشعة الشمس لساعات طويلة.
يقوم «حزب الله» بمحاصرة جرود القلمون ويُطبق حصاره أيضاً على البلدات فيها، بحيث يمنع أهلها من التوجّه إلى حقولهم وبساتينهم لقطف محاصيلهم، وهم المعروف عنهم بأنّهم يعتاشون من مواسمهم الزراعيّة وما يدّخرونه من مال نتيجة بيعهم المحاصيل، واليوم وبعد كل الإرتكابات بحق أهالي القلمون وتهجير عدد كبير من السُكّان وهروب معظم الشُبّان من بيوتهم نتيجة ملاحقة الحزب والنظام لهم يبدو أنه قد جاء دور الأطفال في الإذلال وجعلهم يتوسّلون زيادة لأجرهم قد تصل في بعض الاحيان إلى ألفي ليرة لبنانية.
بعد إفتضاح إرتكابات عناصر «حزب الله» والنظام بحق الأهالي في القلمون وتحديداً الاطفال، حاول إعلام الحزب خلال الأيّام الماضية التغطية على الموضوع من خلال إرسال مجموعة تابعة له لإجراء عدد من المُقابلات مع الأهالي هناك وإجبارهم على توجيه الإتهامات إلى الجماعات «التكفيرية» بسرقة المحاصيل والمواشي ومنعهم من التوجّه إلى أعمالهم في الجرود، وقد تناسى «حزب الله» أن إرتكاباته والنظام في القلمون كانت قد سبقتها إرتكابات مماثلة في «القصير»، فيومها نُقلت البضائع من داخل المخازن والمحال التجارية إضافة إلى أثات المنازل والمساجد والكنائس، إلى بيوت ضبّاط في النظام السوري وعناصر «سرايا المُقاومة» داخل آليّات مُعدة لنقل العسكر.
التجويع وقطع الأرزاق سياسة يتّبعها «حزب الله» بالتوازي مع عمله العسكري للتضييق على اهالي المناطق والبلدات التي يُهاجمها بهدف إخضاعهم له وتقليبهم على الجهة المناوئة له على غرار ما فعل مع اهالي عرسال بحيث منعهم من التوجّه إلى الجرود لقطاف مواسم «الكرز» و«اللوز» و«المُشمش» وغيرها من الخضر والفاكهة، ضمن مُخطّط أعدّه مُسبقاً لخلق حالة من التوتّر بين «العراسلة» والنازحين السوريين وجعل الاخيرين يدفعون ثمن مواجهة الجماعات المُسلّحة للحزب وهذا ما ظهر من خلال دفع الحزب بعض المنتفعين منذ فترة الى احراق العديد من الخيم وطرد بعض العائلات من مُخيّمات النزوح.
لا شك أن تدخُل «حزب الله» بهذا الشكل الهستيري في الحرب السوريّة ترك وراءه كُرهاً كبيراً في نفوس الشعب السوري وخصوصاً الاطفال منهم، والذين يتوعدّون الحزب عبر الاعلام، بالإنتقام منه لمقتل إمّا احد أفراد عائلاتهم أو أصدقاء لهم، وما تسخير أطفال القلمون في أعمال شاقّة إلا سياسة ينتهجها «حزب الله» لقتل روح الحياة فيهم وإدخال الرعب إلى قلوبهم. وهنا يستذكر استاذ مدرسة في القلمون موقفاً حصل داخل صفّه منذ عام تقريباً، يومها دخل عنصر من الحزب إلى الصف وقام بمحو درس التاريخ عن اللوح وكتب مكانه عبارة « نطلب من المدارس والجامعات تعليم الطُلاّب من هم رجال عماد مغنيّة».