IMLebanon

عندما يلبس «حزب الله» قميص الإرهاب.. الأسود

يوماً بعد يوم تتعزّز مقولة أن البلد محكوم من «حزب الله»، وتُستتبع هذه المقولة بعبارات أخرى مثل أنه هو الآمر والناهي والمُتحكم بكافة مفاصل الدولة والقابض بسلاحه على الشأنين العام والخاص. ومن هنا يُمكن أن يتلخص الوضع في هذا البلد الذي يقف على حد سكين، بأن لا حياة مع «حزب الله»، ولا الحزب هو مع الحياة، وكأنهما يسيران على خطين متوازيين لن يلتقيا الى ابد الدهر.

منذ تخلية سبيل المجرم ميشال سماحة منذ ايام، و»حزب الله» يُحاول أن يمنحه صفة البريء أو البطل، وذلك في سياق إسطورة يحاول أن يرسمها تُظهره وكأنه خرج من سجنه بعد صراع انتصر في نهايته الحق على الباطل، لكن الحزب تناسى كعادته أن في هذا البلد مجرمين يتلطون خلف مواقفه السياسية ويحتمون في ظل سلاحه المتفلت والجاهز دائما وابدا للتلويح بـ»7 ايار» جديد وكأن هذا اليوم «المجيد» الذي قُتل فيه شعب بسلاح قيل فيه ذات يوم إنه موجود لحمايتهم، أصبح عنواناً للإنتصار والعزّة والكرامة، ولكن في الحقيقة فإن هذا «الإنتصار» يُشبه إلى حد بعيد، إنتصار ال الأسد الوهمي «االتشريني» الممتلئ بالذل والعار، ورغم ذلك يُصر هذا الحلف «الممايع» على وصفهما بـ»المجيدين».

اليوم لم يعد مستغرباً أن يقف «حزب الله» مع أمثال سماحة، ومواقفه في هذا الإتجاه كثيرة منها، منح بعض عملاء اسرائيل في العام 2000 مكاسب سياسية أوصلتهم في بعض الحالات إلى ترؤس بلديات ووقوفه الى جانب النظام السوري في عملية إبادة شعبه، ودفاعه عن الداعية عمر بكري فستق واخراجه من سجنه قبل أن يعود ويدخله ثانية بتهم التحريض على الدولة، مروراً بإرتكابات عديدة في بيروت وصيدا والشمال، وصولاً إلى تأييده جريمة إخراج المجرم من سجنه الذي استهل اولى عباراته بعد قرار العار أنه سيُعاود ممارسة نشاطه السياسي مجدداً، ومن يدري فقد يُعيّن الحزب للمجرم سماحة أحد مُحاميه ليطالب الدولة باسترداد المضبوطات التي ادخل السجن بسببها.

تحوّل يوم «القمصان السود» إلى عنوان وعلامة يطبعان نهج وطريقة «حزب الله» في التعاطي مع الإستحقاقات المصيرية، فممارسته الإنقلابية على الدولة ومؤسساتها وأعرافها في ذلك اليوم الأسود، أصبحت دليلاً يُدرّس في صفحات كتبه وفي أجندته السياسية والامنية والعسكرية، وما يُمارسه اليوم في ملف سماحة يدعو إلى الحذر مجدداً من إنقلاب جديد يمكن أن يقوم به للتغطية على ممارساته في سوريا بحق شعبها وللتعمية على تدخله في عمل القضاء وتحديدا عمل المحكمة العسكرية التي تأذى اللبنانيون من حكمها الاخير وذلك على حد وصف رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة بأن «ما قامت به المحكمة العسكرية بتخلية سبيل المجرم ميشال سماحه يعد إجراءً ظالماً وجائراً، وهو بمثابة جريمة إغتيال لكرامة اللبنانيين وبالتالي لن نسمح أن تستمر هذه المحاكم التي يتحكم بها حزب السلاح والقمصان السود«.

لم يعد هناك أدنى شك بوجود نيات مبيّتة لدى «حزب الله« تجاه الوضع في لبنان وتحديداً الوضع الحكومي، وكأنه مخطط يقضي بإسقاط أهم مؤسسات الدولة الرسمية يعقبه انهيار في ما تبقّى من بنية هذه الدولة خصوصاً أن للحزب سوابق في هذا المجال إمّا من خلال اعتماده طرقاً سياسية ملتوية أو في الشارع، وقصّة «القمصان السود« ما زالت تشهد على الحالات التي تفلّت فيها الحزب من عقاله وانقلب من خلالها على الشرعية والدستور والأعراف في البلد. ودفاعه اليوم عن المجرم سماحة يعتبر بمثابة دق المسمار الاخير في نعش النزاهة المتمثلة بالقضاء اللبناني وتحديداً العسكري.

يفرد «حزب الله» مساحات واسعة في اعلامه المرئي والمسموع، لتغطية تخلية سبيل المجرم سماحة والدفاع عنه في وجه الشارع اللبناني الذي خرج مطالبا بعودة المجرم من حيث اتى، مدافعاً عن نفسه من مُخطط كان قاب قوسين من أن يستهدفه لولا ان احبطته شعبة «المعلومات». لكن ما يدعو إلى عدم الإستغراب من موقف الحزب هذا، وقوفه بكل قواه السياسية والعسكرية الى جانب النظام الذي كلّف المجرم سماحة بالقيام بخطة اجرامه هذه ودفاعه المستميت عنه حتّى ولو كلّفه سقوط ما يُقارب الألفي عنصر من أجل قضية لن يربحها سوى الشعب السوري.

السقطات السياسية والإعلامية المتكررة لـ»حزب الله»، ما هي سوى مؤشر واضح على التخبط والارتباك في سياسته في التعامل مع مجموعة من القضايا على الساحتين المحلية والعربية، وما تبنيه لقضية المجرم سماحة ومحاولة اظهاره كبطل وطني ومظلوم، على الرغم من كل الإدانات التي اثبتت جرمه وتورطه، إلا موقف كيدي وغير مدروس، سبقته جملة مواقف تصب جميعها في خانة ضرب مؤسسات الدولة وتحديداً الدستورية، وكأنه أيضاً موقف واضح يؤكد من خلاله تبنيه للإرهاب.