IMLebanon

عندما يُفرض الرئيس… لن ينفع الندم!

تبدأ اليوم اولى نتائج الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” بإزالة شعارات واعلام وصور حزبية من شوارع العاصمة بيروت، وربما تتمدد الخطة الى بيروت الكبرى، وبعدها الى مدن اخرى. في النظرة الايجابية، تبدو الامور مقبولة في ظل فلتان الشعارات المقرفة والمشوّهة للمدينة والحضارة. لكن الامر لن يدوم طويلاً، لأن المناسبات الحزبية كثيرة، وهي لن تخلو من انواع الزينة والترويج لها. ولعله من الافضل ان تضع البلديات رسوماً للخزينة في مقابل رفع لافتة او تعليق صورة او علم حزبي، او حتى شعارات دينية، وفي أماكن محدّدة مرخّص لها. وبخلاف ذلك، يغرّم الحزب او السياسي اللذان يرفعان صوراً ولافتات موقّعة دائما باسم الاصدقاء. بذلك تخفّ تلقائيا تلك الحملات اللاحضارية، او توفر للخزينة العامة مالاً يفاد منه في تنظيف الجدران والساحات لاحقاً.

في المقابل، لم يُنتج الحوار المسيحي تهدئة اعلامية كاملة، في ظل اجواء عدم الثقة المزمنة والمتبادلة. والتشهير بالنائبة ستريدا جعجع يدخل ضمن هذا الاطار، ومثله استنفار حزب “القوات” اثر شائعة تعرض موكب رئيسه سمير جعجع لمحاولة اعتداء، وشائعة رفض النائب ميشال عون طلب جعجع لقاءه.

واذا كان كل حوار مفيداً في تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين، فان النتائج تكمن في النهايات السعيدة، لان تخفيف الاحتقان يجب الا يكون هدفا في ذاته، بل ممراً الى ملفات عالقة وشائكة، وهي كثيرة في لبنان، وابرزها معضلة انتخاب رئيس للجمهورية.

لا يمكن في العالم كله ايجاد دولة بلا رئيس، ولا ايضا دولة لا يعرف اركانها مَن هي الجهة الناخبة ليتوجهوا اليها، ويتوسّلوا مسؤوليها تسهيل امورهم. وليس من دولة في العالم ليس فيها نظام للترشح الى الرئاسة، ولا تحترم فيها معايير الترشح، فيتعدّل نظامها عند كل استحقاق “ولمرة واحدة فقط” ثم تتكرر في كل المرات.

الحوارات الجانبية والثنائية جيدة في الوقت الضائع. لكن الخطورة تكمن في ان نستمر في اضاعة الوقت الى اجل غير محدّد، في ظل تآكل هيبة الدولة ونظرة العالم اليها. صحيح ان اللبنانيين اعتادوا الامر، ولم تعد الرئاسة تعنيهم في شيء، الا بعض الموارنة الطامحين الى التربع في قصر بعبدا، لكن هذا الاعتياد خطير الى درجة تصبح معها الرئاسة زيادة عدد ونوعاً من الديكور ما دامت كل مفاصل الدولة تمضي من دونها.

واذا كانت الجهات الخارجية المعنية بالشأن اللبناني، تؤكد في غير مناسبة، ان اتفاق اللبنانيين في ما بينهم، يمكن ان ينتج رئيساً. وان عدم اتفاقهم، وتحديدا عدم اتفاق المسيحيين في ما بينهم، يؤدي الى تأجيل الاستحقاق، فإن الاخيرين مدعوون الى أن يتحملوا مسؤولية تاريخية ويتخلوا عن احقادهم وانانياتهم فيتفقوا، او ان يبادر المسلمون في حوارهم القائم، الى الاتفاق على اسم يفرض فرضاً، عندما لا ينفع الندم.