خصوم الثنائي المسيحي: مهلاً.. هذه حقيقة الأحجام
عندما يصبح تفاهم «التيار» ـ «القوات» من لحم ودم!
وجّه تحالف «التيار الوطني الحر» – «القوات اللبنانية» عبر صندوق بريد زحلة، رسالة قوية الى كل من يعنيه الامر فحواها: نحن هنا.
بالتأكيد، تتجاوز نتائج انتخابات زحلة البعد البلدي المحض، لاسيما ان المعركة اتخذت منذ اللحظة الاولى الطابع السياسي المباشر مع انخراط «التيار» و«القوات» في لائحة واحدة في مواجهة الآخرين، ترجمة لمفاعيل تفاهم معراب، بمشاركة «الكتائب» كذلك.
وحتى خصوم هذا التحالف ساهموا مسبقا في «تسييس» المواجهة وتحويلها الى اختبار مفصلي للاحجام والخيارات، عندما خاضوا الانتخابات تحت شعار حماية القرار الزحلي من قبضة الاحزاب.. وقبضاياتها.
ولئن كان الفارق بين لائحة الاحزاب الفائزة ولائحة «الكتلة الشعبية» الخاسرة ليس واسعا، لكنه كان كافيا لمنح تفاهم معراب جرعة إضافية من المقويات والمعنويات، في اول «امتحان خطي» يخوضه في الشارع المسيحي، منذ ولادته.
ويمكن القول، ان انتخابات زحلة كانت بالدرجة الاولى اختبارا لنيات «التيار» و«القوات»، ولمدى نجاحهما في «تسييل» المصالحة بين ميشال عون وسمير جعجع، ونقلها من الاطار القيادي الى المستوى الشعبي على الارض، حيث يُفترض ان يصلب عودها الطري، وتكتسي عظامها الرقيقة «اللحم الحي».
وبهذا المعنى، فقد نجح التحالف المسيحي، وتحديدا الماروني، في كسب أول التحديات العملانية عبر بوابة عاصمة الكثلكة في لبنان، محاولا تثبيت مقولة بان ما بعد تفاهم معراب ليس كما قبله، وهي مقولة لم تُترجم فقط على مستوى الادارة السياسية المشتركة لاستحقاق زحلة، وإنما ايضا في التفاعل الميداني بين مكونات الطرفين، كما حصل حين فتح قواتيون ابواب إحدى غرف التحكم الانتخابي العائدة لهم، امام مسؤول بارز في التيار، خلال جولة له في المدينة، في إشارة الى «وحدة الحال» المستجدة.
ويؤكد قيادي بارز في «التيار الوطني الحر» ان معركة زحلة أفضت الى التأكيد بان «القوات» و «التيار» هما أصحاب القرار والمبادرة في المدينة، وان كلمتهما ستكون الفاصلة في كل مدينة تحمل رمزية وهوية مسيحيتين.
ويعتبر القيادي ان نتائج انتخابات زحلة هي رسالة الى اقطاع المال والسلالات مفادها بانه لم يعد بمقدوره الصمود امام تحالف نشأ في رحم حزبين شعبيين يقودهما ابن المؤسسة العسكرية ميشال عون، وابن عسكري في الجيش هو سمير جعجع، وبالتالي فان الزمن تغير ويجب التكيف مع حقيقة ان هناك قوة مسيحية جديدة حلت مكان الزعامات التقليدية، وباتت هي المرجعية الالزامية التي لا يمكن تجاوزها او تجاهلها.
ويلفت القيادي الانتباه الى ان نتائج زحلة حملت معها معالم الانتخابات النيابية المقبلة وبشائرها، مشيرا الى ان تحالف «التيار» – «القوات»، لم يعد بمقدوره العودة الى الوراء، بل سيبني على انجازه البلدي، وما حصل سيفرض إيقاعه على مجريات الاستحقاق النيابي في المناطق التي يملك فيها ثنائي تفاهم معراب نفوذا سياسيا وشعبيا.
ويشير القيادي البرتقالي الى ان تيار «المستقبل» هو من الخاسرين في زحلة، بعدما زار الرئيس سعد الحريري السيدة سكاف في قلب المدينة، عشية الانتخابات البلدية، في انحياز واضح الى جانبها، في حين ان «حزب الله» كان أكثر توازنا حين وزع اصواته على مرشحي «التيار الحر» على لائحة الاحزاب، اضافة الى مرشحي سكاف وفتوش، ليصبح بذلك صاحب أسهم في اللائحة الرابحة.
في المقابل، يقارب خصوم «الثنائي المسيحي» نتائج زحلة، من زاوية مغايرة، معتبرين ان التدقيق في الارقام يُبين ان العائلات أقوى من الاحزاب، في المدينة، خلافا لما يوحي به ظاهر الاشياء، «إذ ان مجموع الأصوات الذي حصلت عليه لائحتا سكاف وفتوش يفوق ما حصده ائتلاف الاحزاب».
ويشير هؤلاء الى انه من الخطأ تشبيه تحالف «القوات» و«التيار» بثنائي «حركة أمل» ـ «حزب الله»، مشددين على ان هناك قدرا من التنوع في الساحة المسيحية، لا يمكن ان يختزله تفاهم معراب.
ويعتبر أصحاب هذا الرأي ان الارقام التي نالها ائتلاف الاحزاب في زحلة، بالمقارنة مع تلك التي حصلت عليها لائحتا سكاف وفتوش، يؤكد عدم صوابية ما ذهب اليه «التيار» و«القوات»، بعد مصالحتهما، بانهما يمثلان 86 في المئة من المسيحيين ويختصران النصف الآخر من الميثاقية.
ويرى معارضو تحالف الرابية ـ معراب، ان حصيلة معركة زحلة ساهمت في تظهير قوة لا يستهان بها للائحة «الكتلة الشعبية»، الامر الذي قد يفرض معادلات جديدة في الانتخابات النيابية، على قاعدة استخلاص الدروس من التجربة البلدية.