IMLebanon

عندما ترتاح الممانعة..

دائخة ماكينة الممانعة في كل مستوياتها ومراتبها من أجل تسويق مدى ارتياحها للتطورات الحاصلة على الأرض في سوريا، وعلى المستوى السياسي المتصل بنكبتها.. وخصوصاً لجهة تأويل الموقف الأميركي وأخذه الى مصاف التماهي مع الموقف الروسي الإيراني وبما يُسدل الستار على فصل استراتيجي في كل المنطقة لا يضاهيه تقريباً سوى نكبة فلسطين ونشوء إسرائيل في العام 1948!

وردح أهل تلك الماكينة لا يشبه غيره.. جوقة منظمة تردد أنشودة واحدة بأصوات كثيرة، سوى أن الصادح الأبرز فيها ليس سوى بشار الأسد نفسه. والذي لم يفوّت فرصة واحدة منذ خمس سنوات الى اليوم، إلا وانتهزها من أجل تأكيد وجوده ومواظبته على هوايته المتصلة بكونه لا يزال «رئيساً» لسوريا.

وللردح الراهن مسوّغات لا تختلف كثيراً عمّا سلف على مدى الأعوام الخمسة الماضية. بحيث إن بشار الأسد كان ينتظر أي «إنجاز» موضعي في معركة ما، كي يخرج على العالم ويتباهى بالفتك بـ«بلاده» و«شعبه».. وهو هذه المرة أيضاً، يُكثر من طلاّته، ويواكبه في هذا الإكثار عناصر التبليغ والإرشاد من طهران الى بيروت وبعض إعلامها، في ضوء ما يجري في الشمال السوري على وقع العمليات العسكرية الروسية الإيرانية.

وذلك حاصل ولا يُنكر! لكن لو كان الأمر محصوراً بهذا المعطى وحده، لما استحق لفتة نظر! بل هو، بمعنى آخر، ردح ينم عن قلق جدّي وكبير وحقيقي بقدر ما ينم عن نشوة بتطورات الميدان. وذلك متأتٍ من المواقف المضادة الآتية من الرياض وأنقرة أولاً وأساساً، والدالة على «قرار» كبير بالمواجهة، برغم أن الآليات والطرق الخاصة بذلك، لا تزال مبهمة إلى حد ما!

ما يعرفه جهابذة وأساطين تلك الماكينة يقيناً، هو أن استسهال الفتك بالسوريين لا يسري على غيرهم! وان الروس والإيرانيين ليسوا في وارد «محاربة» الأتراك أو السعوديين أو أي قوات يحملها القرار السياسي التابع لـ«التحالف الاسلامي» أو لحلف «الناتو» الى المشاركة في «الحرب على الارهاب»! حدود هذه النكبة هي «الدم السوري» الذي استباحه بشار الأسد والتركيبة السلطوية الفئوية المحيطة به! وحدود الاصطفاف الفظ والدموي والمعيب الى جانب تلك التركيبة، لا يتخطى حسابات المصالح الخاصة للمتدخلين، وعلى رأسهم طهران وموسكو! أما خارج هذه المعادلة النكبوية في كل حال، فهو يخضع لحسابات أخرى لا يمكن تخطيها إلا بعاملين إثنين. الأول هو استمرار انكفاء الخارج المضاد عن المسرح. والثاني هو اشتعال حرب كبيرة أضرارها أكبر بما لا يقاس، من مكاسب الميدان السوري.

وما يعرفه أساطين وجهابذة ومذيعو مواقف ذلك المحور، هو أن الانكفاء انتهى! وان الحرب الكبيرة مستحيلة! وان القرار اتخذ بالفعل من أجل اسقاط الأسد وانقاذ سوريا، وليس العكس أبداً.

أما غير ذلك، فإن «الممانعة» مرتاحة أصلاً وفصلاً، طالما في مكانه فيما سوريا وشعبها في نكبة لا سابق لها!