القلق الجنبلاطي شامل وهو غير محصور فقط بالقانون الانتخابي والنسبية، بل ان الهواجس الجنبلاطية لها علاقة بالتاريخ والجغرافيا ومصير الاقلية الدرزية في صراع المحاور الكبرى وصولاً الى تراجع دور الدروز في كل المجالات واستحالة اي تغيير في سوريا وانتصار الرئيس بشار الاسد، وهنا بيت القصيد ومصدر القلق الاساسي رغم كل تطمينات حزب الله والسيد حسن نصرالله شخصياً وصولاً الى تعاطي بعض الأطراف الداخلية، على ان لجنبلاط فاعلية سياسية بينما هو يمثل مكوناً طائفياً كبيراً في البلد كالمكونات الاخرى الطائفية.
واللافت وحسب مصادر درزية، فان جنبلاط نجح في تعميم هواجسه درزياً وتوتير الشارع الدرزي واستنفاره عبر التصدي لاي اجحاف يطال الدروز عبر النسبية وغيرها، فجنبلاط الذي يدرك ان قانون انتخابات 1958 الذي قسم الشوف الى 3 دوائر اسقط والده الشهيد كمال جنبلاط واخرجه من المعادلة السياسية واعادته ثورة 1958 لاعباً اساسياً، وجنبلاط ربما يلجأ الى تكرار نفس السيناريو سلمياً وليس عسكرياً بل عبر اعتصامات او مقاطعة الانتخابات ترشيحا وانتخابا، وهذا الامر لا يستطيع ان يتحمله البلد عبر اخراج مكون طائفي من المعادلة.
وسألت المصادر الدرزية: أليس من حق جنبلاط ان يقلق بعد ان بات مصير البلد في يد باسيل – خليل – نادر الحريري وينضم احيانا اليهم الوزير ملحم رياشي أو جورج عدوان، واستبعاد ابو فاعور او شهيب من هذه الاجتماعات؟ وهل اصبح الدروز على الهامش، وهذا الثلاثي يناقش كل شيء من الحكومات والنفط وقوانين الانتخابات خارج مجلس الوزراء ويتوافقون ثم يأتون الى مجلس الوزراء للحصول على تواقيع الاخرين فقط، والويل لمن لا يوقع، وهذا الامر «لا يمشي» مع جنبلاط الذي يعمل على تأمين انتقال هادئ لنجله تيمور لكن بحصة كاملة في الدولة وفي كل الملفات.
وحسب المصادر الدرزية فان كل الخيارات مفتوحة امام جنبلاط لرفض النسبية واستعادة الحقوق والموقع، وهو لا يساوم في الامر ولا يستطيع ارسلان ووهاب الا ان يكونا الى جانب جنبلاط في موضوع الحقوق الدرزية. واشارت المصادر الى ان جنبلاط يتخوف من وجود بصمات سورية، تعمل على تحجيمه واضعاف دوره، وهذا ما يزيده قلقاً، لكنه مطمئن الى موقف الرئيس نبيه بري والسيد نصرالله من هذه الناحية، ولمسه جدياً، فيما مواقف الاخرين اقتصرت على التصاريح الاعلامية، حتى ان الاجتماعات الاخيرة لم تأخذ بهواجس جنبلاط عبر 3 صيغ انتخابية.
وفي المقلب الاخر، تأخذ مصادر متابعة لملف جنبلاط عليه، انه لم يقم بزيارة قصر بعبدا مع كتلته لتهنئة الرئيس ميشال عون وقاطع كل المناسبات في بعبدا، والرئيس عون قدم لجنبلاط كل التطمينات وحاول تبديد هواجسه وتفهمها، فيما جنبلاط تعامل مع كل الايادي الممدودة من العهد بسلبية عبر رسائل مشفرة وانتقادات وتغريدات عن «وليمة نفطية» جاءت بالعهد والحكومة، بالاضافة الى سيل من الانتقادات العنيفة واستخدام مصطلحات «غير لائقة» ومحاولة «فرملة انطلاقة العهد». باستطاعة جنبلاط ان يزور بعبدا ويطرح كل هواجسه امام الرئيس عون الذي تعامل مع كل القوى السياسية كـ«بيّ للجميع» وحاول ان يشملهم بعطفه، ولا يمكن ان يوافق على الانتقاص من حقوق جنبلاط والدروز.
وحسب هذه المصادر فان التعامل من قبل جنبلاط مع العهد بهذه الطريقة مرفوض، ولا يمكن القبول بها وسيتم الرد عليه، والكرة في «ملعبه».
وتتابع هذه المصادر ان المجيء بالوزير طارق الخطيب من اقليم الخروب وسيزار ابي خليل من عاليه في الحكومة الجديدة وهما من التيار الوطني الحر، رغم انهما من معقل جنبلاط الاساسي، لكن هذا الاختيار غير موجه له، ولا علاقة له بملف الانتخابات النيابية او بالحرتقة عليه في قلب بنيه، وللانتخابات النيابية ظروفها المختلفة، لكن لا يستطيع اي كان تجاهل التحالف القواتي – العوني الذي سيخوض الانتخابات النيابية من خلال التحالف مع جنبلاط وليس على قاعدة العداء معه و«تشليحه» مقاعد نيابية.
وحسب المصادر، فان هواجس جنبلاط لا يمكن تجاهلها، لكن طرحها لا يكون بأسلوب التغريدات بل بمصارحة الرئيس عون بها والوصول الى قواسم مشتركة، لان النسبية ليست مطلب التيار الوطني الحر فقط بل تحظى بقبول كل القوى السياسية، والخلاف على حجم النسبية فقط، حتى ان الوزير نهاد المشنوق قال بوضوح «كل القوى السياسية مع النسبية باستثناء فريق واحد»، قاصداً جنبلاط، وهذا ما يفرض الحوار للوصول الى تفاهم شامل يرضي الجميع.