فجأة وبعد فترة من الإطمئنان استشعر النائب وليد جنبلاط خطر «داعش» و«النصرة» فغرد على «تويتر» عن البرابرة والعصابات التي تدمر دولاً وتهجر ملايين الناس ، وفجأة انتاب الزعيم الاشتراكي شعور بالحزن على مستقبل المنطقة وحضارة الهلال الخصب لسوريا والعراق ، فاراد ان يعبر عن مواقفه مما يجري وقد كان لمشهد احتلال واستباحة تدمر من قبل التنظيم الارهابي للدولة الإسلامية اثره وفعل فعله لدى البيك ، واوعز الى قيادة التقدمي الاشتراكي لعقد لقاء مع حزب الله في منطقة البقاع الغربي لمناقشة تفاصيل تحرك المسلحين على الحدود اللبنانية السورية وعدم السماح بتكرار عرسال 2 في مناطق حاصبيا ودعم الجيش في مواجهة الارهاب التكفيري.
وليس موقف جنبلاط على مواقع التواصل هو وحده سر الاستغراب والدهشة تقول مصادر متابعة لمواقفه، فوليد جنبلاط قرر في عز الهجوم الحاد من قيادة المستقبل على حزب الله بعد معركة تحرير القلمون ان ينأى بنفسه عن الهجوم المنظم الذي شنته 14 آذار وان لا يشبه المستقبل بشيىء في المعركة التي اعلنها التيار الأزرق. ومن اسباب الاستغراب ايضاً هو التحول الذي اصاب جنبلاط الذي لطالما اعتبر «النصرة» و«داعش» في مصاف الثوار السوريين الهاربين من ظلم النظام السوري ، وهو سبق ونزع عن «النصرة» صفة الارهاب قبل ان يتوقع ان لا يكون لـ «النصرة» و«داعش» نوايا باقتحام لبنان والتقدم على السلسلة الشرقية.لطالما بدا جنبلاط وكأنه لا يدرك حجم مخاطر الارهابيين المرابضين على السلسلة الشرقية والذين يحتجزون معهم عدداً من العسكريين من آب الماضي ، وكأن تحصينات هؤلاء على حدّ قول المصادر، وجرائمهم وارتكاباتهم بحق العسكريين من اعدامات لم ترتق بهم الى مستوى الارهابيين. حتى عندما قرر الحريري بعد غزوة عرسال الأولى ان يحضر الى لبنان ويعلن ان «النصرة» و«داعش» من التكفيريين ويفترض عدم توفر البيئة الحاضنة لهما كان زعيم المختارة يقود منطقاً آخر مغايراً ومختلفاً وكان من المشجعين على تلبية مطالب خاطفي العسكريين لعدم تنفيذ الاعدامات بحقهم.
اما اليوم فان الأدوار تبدو وكأنها انقلبت بين زعيمي المستقبل والاشتراكي تقول المصادر، فالحريري الذي لمس لمس اليد ان الارهاب في المرحلة الماضية بعد تجربة عرسال وعبرا لن يوفر البيئة السنية ثم عاد وانقلب منتقداً تحرير القلمون ومعركة حزب الله على التكفيريين في حين ان جنبلاط دار 180 درجة بعد مشهد تدمر وتدمير حضارتها من قبل الهمجيين..
يدافع القريبون من جنبلاط عن تقلباته بالقول ان الزعيم الدرزي لم يقف مرة الى جانب الارهابيين لكن لديه هواجسه وطريقته في التعاطي مع المسائل وادارة دفة الامور والمعالجة.يدرك جنبلاط كما يقول القريبون منه في الشوطات الجنبلاطية ان التنظيمين الإرهابيين لن يوفرا الساحة اللبنانية من بطشهما ، وهما لم يفعلا بالتاكيد عندما قررت «داعش» و«النصرة» اعدام وتصفية العسكريين المخطوفين لديها او باحتلال عرسال الى الشاطىء اللبناني لو تسنى لهما. ويعلم جنبلاط ان الاقليات ستدفع الثمن الاكبر لارهاب التكفيريين تماماً كما حصل بالإيزيديين في العراق او بالاشوريين في سوريا ، لكن لجنبلاط حساباته الخاصة التي تتعلق بساحته وطائفته من جهة، والتي تتعلق بتصفية الحساب مع الخصوم في الوقت المناسب من جهة وإعلان التزامه وبقائه في المحور السياسي الذي يريد وهو المحور التركي والقطري والسعودي الذي يتطلع الى السقوط الاكيد لنظام بشار الاسد ويراهن على مرحلة ما بعد السقوط لضمان بقائه واستمراريته.
والزعيم الدرزي باطلالته على ملف النصرة وتحييدها في خطاباته في المرحلة التي سبقت كان يهدف وعلى حد قول القريبين منه، لتحقيق مسألتين ، اولاً تحييد الدروز عن القتال والمواجهة مع النصرة وكأن الإختباء او الإنكفاء والتراجع الى الوراء يحمي طائفة الموحدين الدروز، والتأكيد بانه القائد الميداني والمرجع الوحيد بما يخص طائفته وبان دروز لبنان نسخة طبق الاصل عن دروز سوريا في المعركة على صعيد المنطقة، والايحاء بالتالي بان اي تصعيد من الداخل اللبناني على التكفيريين او الحسم قد يرتب مضاعفات خطيرة على الوضع اللبناني.
ليست المرة الاولى التي يطلق فيها جنبلاط موقفاً من ارهاب «النصرة» و«داعش» ويضيّع فيه البوصلة ويدهش المحللين الذين يسارعون الى تحليل وتفسير الموقف الجنبلاطي. لكن الواضح ان زعيم المختارة كما يقول القريبون منه، يستشعر مخاطر المرحلة الراهنة من جهة كما راقب انتصار حزب الله واكتساحه للمسلحين في جرود القلمون وعرسال ولذلك فان جنبلاط قرر ان لا يفتح الجبهات الداخلية وفي هذا الإطار جاء التمني الجنبلاطي على المستقبل عبر رسائل واتصالات ايضاً بالقبول بالتعيينات الأمنية وارضاء الرابية بقيادة الجيش من اجل ترييح الوضع الداخلي بدل تأزيمه.