Site icon IMLebanon

عندما يقفز جنبلاط من فوق عون وجعجع

يشعر جزء من المسيحيين بأن غالبية الطبقة السياسية تمارس استراتيجية تعبئة الفراغ إما على شكل مبادرات، أو مهرجانات، أو تدشين كنائس باسم المصالحة، او التسلية بشيء اسمه مجلس الشيوخ.

السبت الماضي، كسر وليد جنبلاط هدوء المختارة باستضافته المحتفين بتدشين كنيسة الدرّ العجائبية في المختارة في الذكرى الـ 15 لمصالحة الجبل. حضر الجميع باستثناء من يعتبرون أنفسهم اليوم «أهل المصالحة» الحقيقية..

ومع التقدير العوني والقواتي لخيار جنبلاط الرئاسي، فإن ذلك لم يمنع الرابية ومعراب من مقاطعة حفل تدشين الكنيسة. الحجّة الامنية، لم تخطر على بال المقاطعين، خصوصا ان غياب «الجنرال» و «الحكيم» كان يمكن ان يعوّض بوفد سياسي موسّع من جانب «التيار» و «القوات» يجعل من احتفال المختارة أكثر «ميثاقية».

وجّه «الاشتراكي» الدعوات للجميع تقريبا على مستوى الصفّ الاول من رؤساء وقيادات ورؤساء احزاب. سلّم امين عام الحزب ظافر ناصر الدعوة باليدّ، والى جانبه مفوض الداخلية هادي ابو الحسن ومفوض الاعلام رامي الريس، الى كل من ميشال عون وسمير جعجع.

بالطبع لم يخرج الوفد «الاشتراكي» من دارة كل من «الجنرال» و «الحكيم» مع وعد بالحضور، فالرجلان قبل ان تصلهما الدعوة قررا عدم التجاوب معها.

فالبطريرك بشارة الراعي كان استقبل في 18 تموز الماضي وليد جنبلاط والنائب السابق فريد هيكل الخازن في بكركي، حيث «تمنّى» عليه جنبلاط كما قال يومها «أن يبارك انتهاء أعمال الترميم لكنيسة السيدة في المختارة التي تعود الى القرن التاسع عشر وهي كنيسة آل الخازن وبنيت من أجلهم».

كان التصريح بحدّ ذاته كفيلا بصدّ اي دعوة توجه الى الزعيمين المسيحيين بالحضور لإضفاء «بركتهما» أيضا. فالتنسيق الحصري بين جنبلاط والراعي، أزعج عون وجعجع حين قفز «البيك» من فوقهما، وكأنهما تكملة عدد لا أكثر ولا أقل.

وقد خرج من أوساط الثنائي الماروني من يقول «إذا كانت الكنيسة مقرّها في المختارة فهذا لا يعني أن المسيحيين «مرابعين» (يعملون في الارض مقابل ربع الغلة) عند الجنبلاطيين!

عمليا، كان جعجع أكثر تشدّدا من عون في طرح الاسئلة حول سبب تطويب الكنيسة باسم آل الخازن خصوصا ان جعجع من المقتنعين بأن الشيخ بشير جنبلاط حين بنى الكنيسة في العام 1820 قرب قصره إكراما لمشايخ آل الخازن أصدقاء العائلة الجنبلاطية يفرّق «بين آل الخازن بالامس وآل الخازن اليوم»، كما يمازح أحد القواتيين.

وإذا كان هناك من «بنود سرّية» لتفاهم معراب، يمكن التسليم بأن محاربة الاقطاع واحدة منها. وقد أتت الفرصة يوم السبت الماضي لترجمة عون وجعجع تمرّدهما على هذا الواقع، على حد تعبير قيادي ماروني.

يقول مقرّبون من الرجلين «المصالحة حصلت فعلا في العام 2001، فلماذا الاستثمار المتواصل فيها، وهذه المرة من قبل رجالات الاقطاع، فيما للمصالحة المسيحية اليوم عنوان واضح ومعروف. ثم هل يختصر اليوم آل الخازن ودورهم التاريخي بفريد هيكل الخازن فقط، وأين الاخرون من آل الخازن، ومن حسم مسألة المتحدّث باسم عائلة الخازن».

في المحصلة، ارتأى عون ايفاد النائب ناجي غاريوس لتمثيله، وجعجع أوكل المهمة الى النائب جورح عدوان، أما سليمان فرنجية فقالها على طريقته طالبا من مسؤول «تيار المرده» في بعبدا بيار بعقليني تمثيله!

غياب مسيحي مدوّ لم يسهم حضور الراعي وميشال سليمان وأمين الجميل وقائد الجيش جان قهوجي… من التخفيف من وهجه. كل ذلك لا يحجب الاساس. سجّل العونيون والقواتيون موقفا من المناسبة.

جنبلاط، وفق أوساط الثنائي المسيحي، «اتّخذ موقفه بتأييد دعم عون للرئاسة بناء على قراءته للواقع. وهو بعكس سعد الحريري و «حزب الله» يملك هامشا من التحرّك، بمعزل عن إملاءات الخارج، يمكّنه من ان يجتهد في خياراته الداخلية التي يراها الانسب للطائفة الدرزية وخصوصيتها، والأهمّ إدراكه صعوبة وقوف ابن المختارة والجبل بوجه التوافق المسيحي الذي يشكّل الطرف الاخر في مصالحة الجبل وتحالفاته.

الرابية ومعراب تقدّران موقف جنبلاط الرئاسي لكن هذا شيء و «الخضوع» لاعتبارات أخرى شيء آخر. أما في الموقف من البطريرك الراعي فيكمن كل الموضوع!