Site icon IMLebanon

ومتى نحرر لبنان من الأسر ؟

خاتمة سعيدة لأبنائنا العسكريين العائدين من الأسر لدى “جبهة النصرة” بعد محنة طويلة من المعاناة والآلام والغضب، محنة موجعة بكل فصولها وخيباتها العابرة وإنتظاراتها المضنية، بالنسبة الى كل “هذا اللبنان” الذي أشار اليه تمام سلام، والذي وإن رقص مبتهجاً لعودة ابنائه العسكريين حليقي الذقون وبثياب العزة العسكرية، ولرفيقهم محمد حميّة العائد شهيداً، فإنه سيبقى في أسرَين ويئنّ من جُرحين:

اولاً : جرح رفاقهم الأسرى الآخرين لدى “داعش”، ما سيبقي الجرح مفتوحاً الى ان تتم إستعادتهم، ثانياً: ذلك الجرح الغائر الذي يكاد ان يهدم الهيكل على رؤوسنا جميعاً، ما لم يتذكّر هذا الخليط من السياسيين والسياسات ومن المسؤولين والمسؤوليات، ان هناك أسيراً كبيراً منسياً يتداعى، وليس من يحاول ان يفك أسره، فالجميع تقريباً إسترهنوه لحسابات ومصالح خارجية مسترهنين بذلك مصيرهم ومستقبل أولادهم .

انه لبنان الوطن الذي نبقيه أسير إنقساماتنا وخلافاتنا التي لا تنتهي، لبنان الهوية الذي يذوي وراء قضبان كثيرة، ونقوم نحن بدور السجّان الذي يسومه العذاب، انه لبنان الدولة المقطوعة الرأس المبتورة الأطراف التي يعمل معظمنا على إسقاط ما بقي لها من هيبة، وهو لبنان البلد الميتّم الذي خطفناه وأسرناه مستعينين بالخارج المتصارع في هذه المنطقة البائسة !

خاتمة سعيدة لكنها فعلاً محيّرة، وخصوصاً عندما تمتزج أمامها دمعة الفرح بعودة الأبناء بدمعتين من الألم، واحدة في إنتظار الباقين من أبنائنا العسكريين المخطتفين، وواحدة في إنتظار ان نعي ونستيقظ لنتعاون كشعب وعائلة واحدة، ونخرج وطننا من الأسر الذي نزِجّه فيه، لنعبر فعلاً الى الحرية والكرامة والعزة على ما أشار رئيس الحكومة.

مع تقديري الكبير لجهود “خلية الأزمة”، أجد من الضرورة والوفاء ومن اللياقة ان أشكر وائل ابو فاعور الدينامو النشيط على كل ما فعل، وأهنئ اللواء عباس ابراهيم شخصياً الذي عمل على إمتداد المحنة الطويلة والآلام بمهنية ومناقبية، وبصمت وبكثير من المثابرة وصبر أيوب، مبتلعاً مرارات ومفاجآت إستمرت حتى اللحظة الأخيرة فلم يتراجع ولم يتوانَ، وأهم من كل هذا أنه جانب الكلام زمناً طويلاً. ثم جاء الى السرايا ليقول ما يليق بلبنان وبالمناسبة: “لم نكن نريد لها ان تطول، ولكن سقف الكرامة الوطنية والتمسك بثوابت دولة القانون وعدم التخلي عن السيادة، أفضت الى تكريس حقوقنا وإستعادة عسكريينا… لقد خرج لبنان منتصراً بهيبة دولته وصون مؤسساته وعزة شعبه”.

شكراً عباس ابراهيم تذكِّرنا بسقف الكرامة الوطنية وبهيبة الدولة وإحترام القانون، والشكر العميق لقطر وأميرها الشيخ تميم، عندما تتعالى فوق كل التجنيات وتستميت لإطلاق ابنائنا، ويقف سفيرها محمد علي المري متوسطاً العائدين فرحاً لكأنهم أولاده يولدون من جديد.