Site icon IMLebanon

متى ترفع إيران عقوباتها عن لبنان؟

تحرّكت الإدارة الأميركية على وجه السرعة واتخذت كلّ الإجراءات المطلوبة من اجل مباشرة التطبيع مع طهران، وذلك في ضوء اعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية التزام ايران بنود الاتفاق في شأن ملفّها النووي. 

فرّقت واشنطن بين الملفّ النووي الإيراني وكلّ السياسات الأخرى للبلد في وقت لم تمض سوى بضعة ايام على احراق متظاهرين ايرانيين، كانوا يتحرّكون بإشراف من السلطات الرسمية، السفارة السعودية في طهران وقنصلية المملكة في مشهد. 

مبروك لإيران التي التزمت ما تعهدته بموجب الاتفاق الذي امكن التوصل اليه في تمّوز الماضي بينها وبين مجموعة الخمسة زائداً واحداً. لكنّ هذا الانفراج الواسع في العلاقة بين طهران و»الشيطان الأكبر» لا يمنع من التساؤل متى ترفع ايران عقوباتها الظالمة المفروضة على لبنان؟

ليس لبنان سوى واحد من الأمكنة التي تمارس فيها ايران سياسة تقوم على الهدم والعرقلة ليس الّا وذلك عن طريق الاستثمار في الغرائز المذهبية. الأمل كلّ الأمل ان ينعكس رفع العقوبات الدولية عن ايران ببدء سياسة جديدة تظهر ان هناك سياسة ايرانية مختلفة تشير اوّل ما تشير الى ان ايران دولة طبيعية وليست ضحيّة اوهام من نوع القدرة على لعب دور اقليمي والهيمنة على دول اخرى في المنطقة.

لا حاجة الى تعداد ما تقوم به ايران، بدءاً بالعراق وصولاً الى لبنان، مروراً بسوريا طبعاً. لا داعي ايضاً الى التذكير باضطرار المملكة العربية السعودية الى قطع العلاقات الديبلوماسية بطهران في اعقاب اعتبار ايران نفسها مرجعية كلّ شيعي في العالم، بما في ذلك المتشيعون الجدد في نيجيريا.

لا حاجة ايضاً الى التذكير بأنّ ايران تحتل الجزر الإماراتية الثلاث الطنب الصغرى والطنب الكبرى وابو موسى منذ العام 1971، اي منذ ايام الشاه، بما يؤكد ان شيئاً لم يتغيّر في البلد، بعد ثورة 1979 وقبلها. لم يتغيّر شيء، اقلّه في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية والرغبة في لعب دور شرطي الخليج وفرض امر واقع على دول المنطقة، تماماً كما تسعى اسرائيل الى عمله مع الفلسطينيين.

لا حاجة بالطبع الى استعادة التهديد الإيراني للبحرين وتدخلها في شؤون هذه المملكة الصغيرة من منطلق مذهبي. ولا حاجة، بالتأكيد، الى التذكير بأفضال ايران على الكويت والى مخازن الأسلحة والمتفجرات التي اكتشفت في هذه الدولة اخيرا. ولا حاجة اخيرا الى الإشارة الى الدور الإيراني في اليمن والى دعمها للحوثيين الذين باتوا يحملون تسمية «انصار الله» بعدما صار طموحهم محصورا في ان يكونوا ميليشيا مذهبية، على غرار «حزب الله» في لبنان.

لم يعد سرّا ان ادارة باراك اوباما اختزلت كلّ ازمات الشرق الأوسط بالملفّ النووي الإيراني. قرّرت بكل بساطة انه يكفي التوصّل الى تسوية في شأن هذا الملفّ من اجل ان يدخل اسم باراك اوباما في كتب التاريخ. 

مشكلة ايران مع جوارها، وما يتجاوز جوارها، تبرز من خلال ما يتعرّض له لبنان منذ العام 1982، تاريخ قيام «حزب الله». تعتقد ايران انّ التدخل في شؤون الدول الأخرى وتعطيل الحياة فيها وانشاء ميليشيات مذهبية كفيل بضمان دور لها على الصعيد الإقليمي واعتراف اميركي بهذا الدور. هذا ما تؤكّده الاحداث.

من حقّ اي لبناني التساؤل لماذا زادت عدوانية ايران تجاه البلد في الأسابيع التي سبقت الإعلان رسمياً رفع العقوبات عنها؟

لماذا استمرار الاعتراض على انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية؟ لماذا ذلك الكلام الذي لا سابق له في التعاطي مع السياسيين اللبنانيين، اي الكلام الذي صدر عن النائب محمد رعد، رئيس كتلة نواب «حزب الله» في حقّ الرئيس سعد الحريري؟ 

منذ متى يحقّ لحزب، يعتبر نفسه لبنانياً، القول انّ هناك لبنانيين آخرين ممنوع عليهم ان يكونوا في لبنان؟

اخيرا وليس آخرا، لماذا هذا الإصرار على اطلاق شخص مثل ميشال سماحه، مدان بالصوت والصورة بنقل متفجّرات والسعي الى تنفيذ عمليات ارهابية لخلق فتنة طائفية ومذهبية، في تحدّ لمشاعر كلّ اللبنانيين الشرفاء حقّا؟

هل بدأت ايران تحصل على مكافآت على حسن سلوكها في تنفيذ الاتفاق في شأن الملفّ النووي؟ 

قبل فترة قصيرة، بدأ الكلام الإيراني الصريح الذي ترافقه خطوات اجرائية عن ان لبنان صار محكوماً من طهران. ممنوع على مجلس النوّاب الانعقاد لانتخاب رئيس للجمهورية حتّى لو كان المفروض ان يصبح رئيساً من قلب جماعة الثامن من آذار التابعة لـ»حزب الله». ممنوع على الحكومة ان تجتمع بكامل اعضائها وان تتخذ قرارات تسهل حل الأزمات التي يعاني منها المواطنون. صار القضاء العسكري مقيّداً بما يريده «حزب الله» وما تريده ايران. لم يعد من فصل بين السلطات في لبنان. اكثر من ذلك، يتجرّأ وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل حيث لا يجرؤ آخرون يمتلكون حدا ادنى من الشعور الوطني، بما في ذلك وزير الخارجية العراقي، فيصبح ناطقاً باسم ايران في مؤتمر لوزراء الخارجية العرب!

هل على لبنان دفع ثمن الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني؟ انه سؤال مشروع بعدما رفع العالم العقوبات على ايران وسمح لها في الوقت ذاته بزيادة عقوباتها على لبنان.