Site icon IMLebanon

متى يرفع الحجر عن إستحقاق «صنع في لبنان»؟

يهلّل أصدقاء إيران لـ»الاتفاق الإطار» مع مجموعة الـ (5 + 1) وصولاً الى الإدعاء بأنّ المقاومة ستقرر مستقبل لبنان والمنطقة! ولكن ألا يستلزم الأمر انتظار ردات فعل الطرف الآخر على الأقل؟ وفي حالتي الرفض او الترحيب ألا يريدون شريكاً في المستقبل؟ وما هو مصير الدعوات الى استحقاق صنع في لبنان؟

هناك من يعتقد انّ الدعوات التي أطلقت من كل حدب وصوب الى جعل الاستحقاق الرئاسي «طبخة داخلية» صنعت في لبنان قد سقطت بمجرد أن اعلنَ فريق لبناني فوزه بالسباق الى حكم البلد بمجرد الإعلان عن الإتفاق الإيراني – الغربي، على رغم المواعظ التي أطلقها بأنّ الملف هو لبناني داخلي وما لم نتفق على رئيس للجمهورية لن يكون هناك رئيس الى ما شاء الله.

كان كافياً ان يعلن عن بوادر التفاهمات الدولية من لوزان حول الملف النووي الإيراني لتتكشّف الحقائق بعد مرحلة من الضبابية أغدقَ فيها البعض الكثير من النظريات ولا سيما تلك التي كانت تدعو الى إجراء الإستحقاق الرئاسي بـ»العدة الداخلية».

فقد ثبت بالوجه الشرعي انّ دعوات قادة «حزب الله» التي صدحت عالياً من اجل حلّ داخلي قد تجاوزتها التطورات الأخيرة، وتبيّن انها كانت لإمرار الوقت بانتظار «إنجازات لوزان».

ولا سيما عندما تضمنت ما يكفي من النصح بعدم انتظار ما يجري في لوزان وقبلها في جنيف ومسقط وفيينا وغيرها من العواصم التي شهدت على الحوار الذي كان قائماً بين طهران والغرب.

وعليه، وبمعزل عن هذه النظريات التي لم تقنع أحداً، فقد بات واضحاً انّ التفاهم الإيراني – الغربي سيُلقي بظلاله على اللبنانيين كما على كل ساحات الأزمات القائمة بين طرفي الصراع في أكثر من منطقة في العالم. والأمر لم يعد متصلاً باقتناع اللبنانيين بذلك وحسب. فالعالم كله بات يوحي بأنّ هذا التفاهم لن يكون محصوراً بالملف النووي الإيراني ولن يصدق أحد هذا القول.

فالسيناريوهات التي اطلقت لاحقاً حملت الكثير من بذور الإستعدادات لترجمة التفاهمات وتقاسم النفوذ في العالم وسط جوّ من التعقيدات التي يمكن ان تشهدها الأشهر الثلاثة الفاصلة عن الاتفاق النهائي في نهاية حزيران المقبل.

ولذلك، يعتقد العارفون انّ هامش المناورة ضاق كثيراً امام الذي يريدون ان نصدّق انّ المعادلات والتفاهمات الداخلية كافية لولوج الإستحقاقات الداخلية، ولا سيما تلك التي تربط انتخاب الرئيس بكلّ ما يليها من محطات دستورية لإعادة تكوين السلطة في لبنان بما فيها شكل الحكومة المقبلة وقانون الإنتخاب والتعيينات في المواقع الأساسية الى ما هنالك ممّا يعبّر عن دخول البلاد في عهد جديد إذا قُدّر للبنان أن يقطف من هذا التفاهم الدولي ما يعزّز وحدته واستقراره الهشّ واكتمال عقد المؤسسات الدستورية فيه.

ومن هنا تأتي دعوات العقلاء الى التريّث في ادّعاء الإنتصارات الوهمية او عَيش الخيبات المؤلمة، فبات واضحاً انّ ما يدّعيه البعض من قوة داخلية مفرطة لا يمكن فصله عمّا يجري في الخارج، والعكس صحيح.

وطالما انّ الستاتيكو الذي حكم المرحلة الماضية ما زال قائماً وانّ موازين القوى لم تتبدل بعد، فليس من مصلحة اللبنانيين إذكاء الخلافات الداخلية، وما عليهم سوى الحفاظ على ما هو قائم من هدوء بحده الأدنى قياساً على ما يجري في الخارج والمحيط المتقلّب على نار تحرق الأخضر واليابس.

وبناء على ما تقدّم، تبرز الدعوات الى أنصار ايران واصدقائها للتريّث بادّعاء الإنتصارات وانتظار مواقف الفريق الآخر وردّ فِعله إذا كانوا يعتبرونه شريكاً لهم في المستقبل. وليتحمّلوا مسؤولياتهم امام اللبنانيين والصرخات المتتالية التي تطلق للتهدئة، والتي يتردد صداها غامضاً في كل أرجاء المعمورة، إلّا حيث يجب ان تفعل فعلها.

فيقف اللبنانيون عاجزين عن القيام بما هو مطلوب، وقد سلّموا أمرهم الى الخارج من دون خجل، يفرحون ويحزنون للإنتصارات والخيبات الخارجية وينامون على حرير التفاهمات الدولية لعلها تأتي اليهم بالحلول والمخارج لينصاعوا الى ما تقول به من دون أيّ نقاش.

ألم يتّعِظ اللبنانيون بعد ممّا كرّسته، عبر التاريخ القديم والحديث، تجاوز التفاهمات الدولية لمصالح لبنان واللبنانيين؟ ألم يكتشفوا بعد انّ هذه الوصاية حرمتهم حقوقهم لفترة؟! لكن، والحق يقال، فإنّ غيابها في المقابل أثبتَ عجزهم الفاضح عن إدارة شؤون بلادهم بأنفسهم؟! وبهذه الطريقة وُضِع حجر كبير على قبر كل المعادلات الداخلية ولم يتدحرج بعد. وإنّ للبحث صِلة إن لم يعترفوا بهذه الحقيقة الصارخة والجارحة!