بالله عليكم، قولوا لنا: عندما ترسمون الخطط الجهنمية، هل تفكرون فينا، نحن الناس العاديين الذين ليس لهم إلا ربُّ السماء!
قولوا لنا: كيف يأكل هذا الذي وضع دم قلبه وجنى عمره في وسط بيروت، وكيف يسدِّد ديونه ويطعم أولاده ويدخلهم الى المدارس والجامعات؟
قولوا لنا يا أحباءنا جماعة الحراك المدني، ونحن الذين سبقناكم بآلاف الصفحات ومئات المقالات عن الاصلاح ومحاربة الفساد: إذا بقيتم تعتصمون في وسط بيروت، وفي كل يوم تواجهون قوى الأمن وتحاولون اقتحام المؤسسات، فأي تجارة ستكون في الوسط التجاري، وأي إصلاح؟
قولوا لنا يا زعماءنا جماعة الحوار، الذي وُلد ميتاً، والذي تذهبون اليه فقط لرفع العتب كل أربعاء، وهذا اليوم استثنائيا: هل كان ينقصنا إقفال الوسط التجاري يوماً آخر… فيما هو مقفلٌ بفضلكم أنتم، وبأفضال السلطة التي هي عبارة عن اجتماعكم أنتم؟
قلب بيروت تريدونه مقفلا كل أيام الأسبوع على ما يبدو: أنتم تقفلونه كل أربعاء، قصداً، من أجل اللاحوار. وشباب الحراك المدني يقفلونه كل يوم يعنُّ فيه على بالهم موّال يُغنونه… ما عدا العطلات الرسمية وعطلات السبت والأحد والجمعة نصف نهار… فمتى نسترزق؟
قلب بيروت يعاني الأمرين ولا ترحمونه، بل ترمون الملح على الجرح…
فماذا فعلت لكم بيروت لتعاملوها هكذا؟ وما ذنب هذا المواطن الذي وضع كل حياته رهن مشروع تجاري في العاصمة، تضعون أيديكم على فمه وتقطعون أنفاسه تحت شعارات بعضها محق، وكلكم تعرفون لا ثورة مسموح بها في لبنان. بل انها مجرد تنفيس لاحتقان الناس مما اوصلتموهم اليه ونقطة على السطر.
لا سياح عادوا يفكرون بعروس العواصم العربية ولا مغتربون يتجرأون على التفكير، ولو بزيارة للوطن الأم.
السياسيون يتحمَّلون المسؤولية فلا تتهرّبوا، وأي مكان تهربون اليه ما دام التاريخ هو الحساب؟
يا جماعة الحوار، إذا كان حواركم من أجل الصورة ولتضييع الوقت كما هو يبدو، فحرام عليكم ان تقفلوا بيروت وتعطلوها كل يوم أربعاء. والأحرى ان تضيِّعوا وقتكم في مكان آخر فترتاحون وتريحون!
أعقدوا حواركم مثلا في قرية نائية. سيكون ذلك أفضل لكم ولأمنكم. وفيها سيكون الذهن صافيا، وستأتي صحتكم، وكما يقال: العقل السليم في الجسم السليم. فلعل ذلك يهديكم الى أفكار مبدعة تنقذ البلد…
أو اعقدوا حواركم في منتجع فيه من وسائل الراحة والترفيه ما تبتغون. فهذا يوفر لكم الوحي لحوار منتج ربما… بعيداً عن أعين الحراك والمتحركين.
أو اعقدوا حواركم عبر خدمة الاجتماع على شبكة الانترنت. فعلى الأقل، نضمن أن أحداً منكم لن يضرب الآخر وجهاً لوجه، وان لا خلاف بروتوكولياً سيقع على ترتيب الطاولة، خصوصا اذا بدأ ينسحب الأقطاب للأصحاب…
وانتم يا شباب الحراك، اختاروا مناطق أخرى أيضاً. فبعض الذين ترفعون الصوت ضدهم ليسوا في وسط بيروت، وربما لا يحبون بيروت العاصمة…
فالناس كل الناس وفي كل لبنان يعانون مثلكم، وليسوا ضد الحراك المدني. ولكن على الحراك المدني ألا يكون ضد مصالح الناس، وفي وسط العاصمة بيروت الغالية.
اما حضرات الساسة الكرام، إذا كانت أحوالكم باللوج، ولا مشكلة عندكم في الحصول على لقمة العيش بعرق الجبين، فعلى الأقل، أتركوا الناس تأكل خبزها بعرق جبينها!
أتركونا نسترزق، أتركونا نعيش!