Site icon IMLebanon

متى ينزل رجل الوقت الضائع عن المسرح؟

يقيم الرئيس السابق ميشال سليمان غداء غداً في مقره الصيفي في لحفد لم يعلن للمدعوين مناسبته بعد. الدعوة التي لا تلقى اهتماماً كبيراً عادة يفترض أن تجذب هذه المرة المهتمين برؤية انجازات «فخامته» عن قرب، قبل رؤيته يسلم الوزير سمير مقبل إلى الأجهزة الأمنية المعنية بتبرئته أو إدانته مما كشفه النائب زياد أسود عنه لناحية النصب والاحتيال والاختلاس

سيتسنى لزوار رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، حين يصلون إلى بلدته عمشيت غداً، اكتشاف إنجازاته الرئاسية الخمسة.

ــــ سيرون كيف تجاوز سحب الفرنسيين جواز السفر المزور منه عبر توقيع اتفاقية توأمة بين بلدية عمشيت ومدينة سانت ماكس الفرنسية (185 هكتاراً في الشمال الفرنسي)، فبات في امكانه أن يسجّل على جواز سفره اللبناني أنه من مواليد عمشيت، توأم سانت ماكس، كما أن تساهل القضاء الفرنسي يسمح لسليمان بالترشح إلى رئاسة بلدية سانت ماكس أو مخترتها، بحكم نص اتفاقية التوأمة على وجوب تبادل الموارد البشرية بين المدينتين.

ــــ سيسلكون الأوتوستراد الذي وسّعه فخامته وعبّده وأضاءه للوصل بين قصره الشتوي في عمشيت وقصره الصيفي في لحفد.

ــــ سيرون القصر الذي تابع الرئيس، بعناد، بناءه (وتطلب تسييل الكثير من الهدايا الرئاسية)، هو الذي اعتاد سكن القصور بعد سنوات بعبدا الست، فما عاد يمكنه العيش في مساكن الضباط أو شقق باريس الضيقة أو حتى التردد على مسابح الضباط. علماً أنه، إلى قصري لحفد وعمشيت، فاز بشقتين «دوبلكس» في منطقة اليرزة، مساحة كل منهما 800 متر، مزودتين بمسبح يطل على بيروت، فيما لم يجر البت بالشكوك حول مخالفات في البناء، إضافة الى منزلين في الحازمية، فيما «تنحشر» أسرته في ثلاثة شاليهات في منتجع جبيليّ يتجاوز سعرها ملايين الدولارات.

يقتضي القول إنه حقق للمستقبل ما عجزت القوات والكتائب وأمانتا سعيد وفرنجية

ــــ أما الانجاز الرابع الذي سيتسنى لزوار السبت التقاط «سلفي» معه، فهو الوزيران سمير مقبل وأليس شبطيني التي لم تتجاوز «المتفاجئة» من انقطاع التيار الكهربائي.

ــــ الانجاز الأخير والأبرز لميشال سليمان هو ميشال سليمان نفسه. فمن كان يصدق أنه سيتمكن من صياغة جملتين مفيدتين، على غرار دعوته الشباب اللبناني قبل يومين للبقاء في بلدهم، قبل أن يدعو «قيادة الجيش إلى استدعاء الاحتياط (أو «الشباب اللبناني») ونشره على الحدود». وكان سليمان قد أشار في المقابلة الإذاعية نفسها إلى «اتصال الاستخبارات به في 14 آذار 2005 لتهنئته على إنقاذه لبنان» من دون تحديد أيّ استخبارات.

اللافت في المسرحية السليمانية هو عدم الخجل بإنجازات العهد؛ إنما مواصلة الغناء تحت المطر. لا يكترث فخامته بمسارعة كل من يقترب صوبهم في الاحتفالات إلى التفرق على عجل، ولا تعنيه المشاركة الشعبية الخجولة في المناسبات المسماة عليه، بما في ذلك تلك الاجتماعية الحزينة. كل ما يهمه رضى خادم الحرمين وخدامه. ومن الواضح أن الاستخبارات السعودية تتمسك بعدم إسدال الستارة عليه برغم انتهاء المدة المحددة لعرضه. فكل ما يتجنب تيار «المستقبل» الإقدام عليه لعدم استفزاز العماد ميشال عون وحزب الله يتكفل سليمان به. ومن يدقق بطبيعة المهمّات التي ينفذها سليمان، منذ 14 آذار 2005 مروراً بتعطيل وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وصولاً إلى اليوم، يعلم أنه ليس مجرد «وسيلة» في يد السعوديين. فالإنصاف يقتضي القول إنه حقق لتيار المستقبل ما عجزت القوات اللبنانية والكتائب، وأمانتا فارس سعيد وسمير فرنجية عن تحقيقه لناحية محاصرة عون والذهاب في «نكايته» حتى تعيين أليس شبطيني وزيرة، وقطع طريق اليرزة على العميد شامل روكز.

ماء الوجه لا يمثّل مشكلة للرئيس السابق. ترنّح سمير جعجع تحت وطأة القانون الأرثوذكسي، فيما تبنى سليمان موقف المستقبل بكل جرأة. تناسى فارس سعيد مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية فيما لم يملّ فخامته من إعلان بعبدا. وحتى حين تهدأ طبول الحرب بين المعسكرين يواصل المزايدة وحده. ولا بدّ من التذكير هنا بأن وزارة الدفاع التي مددت أول من أمس لقائد الجيش جان قهوجي، عُرضت على التيار الوطني الحر عشية تأليف هذه الحكومة، وكان تيار المستقبل يفضل حصول العونيين عليها بدل الخارجية، لولا أن نبّه سليمان الحريريين إلى الخطر المحدق بقيادة الجيش في حال ذهابها إلى عون، لتنشط فجأة أوركسترا كاملة تؤيد حصول الوزير جبران باسيل على الخارجية.

أمس عقد سليمان اجتماعا آخر لما يصفه باللجان التحضيرية لـ «لقاء الجمهورية». لماذا؟ ليوحي بوقوفه خلف قرار وزير الدفاع بالتمديد لقائد الجيش. بينه وبين نفسه، يصدق سليمان أن قرار التمديد لقهوجي مرة أخرى هو قراره الشخصي الذي اتخذه بنفسه، لا قرار إقليميّ قررت القوى السياسية المختلفة تحميله وزره. وهو اغتنم المناسبة السعيدة لإطلاع المجتمعين على وسام الشرف الاستثنائي الذي قرر منحه غداً لوزيره الشجاع، الذي يضع منذ سنوات كل المال – المتهم بحسب وثائق تلفزيون الجديد – بنهبه واختلاسه، في تصرف فخامة الرئيس.