IMLebanon

متى تنضج التسوية  على نار الحرب ؟

 ليس التفجير الانتحاري الارهابي في اسطنبول سوى شظية من الشظايا المتطايرة في حرب سوريا. لا فقط في الداخل حيث الخراب الكبير، وفي دول الجوار حيث التسلل الارهابي الخطير، بل أيضاً في أوروبا وروسيا وأميركا حيث مداواة الخوف من تهديدات داعش هناك بالقصف الجوي لأهداف قليلها تابع ل دولة الخلافة الداعشية. لكن حسابات المصالح في الحرب لا تزال أقوى من أخطار نيرانها التي تحرق الخرائط فوق ما تقود اليه من قتل وتهجير ودمار وانتشار خارج الحدود. فلا خطوة جدية على مدى خمس سنوات حتى لوقف نار شامل ولو لشهر. ولا حديث عن الخيار السياسي الا لتغطية الاندفاع في الخيار العسكري الذي لا مجال فيه لنصر يحسم الحرب.

ولا شيء يضمن، وسط كل الكلام على التسوية السياسية ورسم خرائط الطريق اليها، أن يكون مصير جنيف-٣ في ٢٥ كانون الثاني الحالي أفضل من مصير جنيف-٢ قبل عامين.

صحيح ان الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يحاول صنع فرصة من الدعم الأميركي والروسي تجعل مهمته مختلفة عن المهمة المستحيلة لسلفيه كوفي أنان والأخضر الابراهيمي. والسعودية وايران تحرصان، في قمة الصراع بينهما، على القول إن التصعيد لن يكون له تأثير سلبي على مساعي البحث عن التسوية السياسية في سوريا. والطباخان الروسي والأميركي يكملان الطبخة التي لا تزال ناقصة منذ جنيف-١ في حزيران ٢٠١٢. والمعارضون يتزاحمون على التمثيل في الوفد الموحد الذي سيفاوض وفد النظام.

لكن الصحيح أيضاً أن ظروف التسوية لم تنضج بعد. فالغموض في بيان فيينا-٢ يثير من الأسئلة الصعبة الحائرة أكثر مما أثاره الغموض في بيان جنيف-١. والوضع الميداني على الأرض الذي هو، لا المنطق السياسي، أساس ما يراهن عليه كل طرف لتحديد نوع التسوية، ليس مؤاتياً بعد لحسابات أي طرف ومطالبه في التسوية. لا لحسابات النظام وحلفائه الروس والايرانيين بالنسبة الى نوعية التسوية التي يُراد منها اعادة تأهيل النظام واعطاء حصص في الحكومة والمجلس النيابي لمعارضين مقبولين. ولا لحسابات المعارضين الذين يصرون على تسوية تعطيهم السلطة عبر هيئة حكم انتقالي لا دور فيها للرئيس بشار الأسد والفريق القريب منه.

فضلاً عن أن النسبة الكبيرة من المعارضين المسلحين الذين يسيطرون على أجزاء من الأرض ضد أية تسوية وأي حديث عن الديمقراطية التي هي كفر، سواء كان هؤلاء في داعش أو جبهة النصرة أو في مئات من المنظمات السلفية. ولا أحد يعرف متى تدق الساعة لنهاية وظيفة داعش ثم وظيفة حرب سوريا.