يعمّ السكون حالتين تميّزتا بالحركة، جبهة جنوب سوريا التي ما هدأت منذ اقتراب النفس الايراني من مشارف الجنوب المحتل، وتشكيل الحكومة اللبنانية، الذي بدا في البداية وكأنه في سباق مع عيد الفطر، ثم أطفأ محركاته كما يقول الرئيس بري عشيّة العيد، لنبدأ بترقب عيد الأضحى.
سكون الوضع في جنوب سوريا، حيث لا قصف اسرائيلي من الجو، ولا تحركات مقابلة على الجانب السوري، ربطه ذوو الروح الرياضية بالمونديال الروسي. الذي شارك لبنان، ممثلا بالرئيس المكلف سعد الحريري، في حفل افتتاحه أمس.
الاستنتاج قريب من الواقعية، فالمونديال يشكّل مناسبة منتظرة بالنسبة الى الروس الممسكين بزمام الأمور العسكرية في مختلف الجهات السورية، وعلاقتهم باسرائيل سمن وعسل، وطبيعي ان يؤدي أي تصعيد عسكري من مستوى ما كان يحصل في الفترة الأخيرة، الى شد انتباه العالم عن الحدث الرياضي الروسي الكبير، ولذلك طلب الى المتحاربين أخذ استراحة مشتركة، ليتابعوا المونديال هم أيضا…
لكن ما الذي أوقف أو عطّل محركات تشكيل الحكومة اللبنانية في هذا الوقت، فاستمرار حركة التشكيل لا يمكن ان يشوش على الحدث الرياضي العالمي، والمعنيّون من قوى داخلية بالأمر، لا يعقل ان يعطّلوا تركيب الحكومة الوطنية من أجل التفرّج على المونديال…
الأقرب للمنطق، ان تجميد الحركة الحكومية، لا علاقة له بالمونديال ولا بعطلة عيد الفطر، ولا حتى بالعقبات المتوالدة في طريق التشكيل، عبر المطالب المبالغ فيها، أو التي تطرح من أجل رفضها، وليس القبول… انما بالمناخ الاقليمي العام، الذي يؤشر الى اقتراب زمن التسويات الكبرى، الشبيه بقاطرة تجرّ.
سلسلة مقطورات، محمّلة بالحلول بكل بلد من بلدان الشرق الأوسط المأزومة، وهذه القاطرة يقودها الأميركيون والروس، ويتولى كل منهما ضبط الانتظام على الجانب الذي يعنيه من الخط.
ومن ملامح مثل هذا الجو، حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس، عن بدء سحب ايران لرجالها من اليمن وسوريا، واعتقاده ان ايران تغيّرت بعد خروجه من الاتفاق النووي معها، وظنّه لقناة فوكس نيوز ان الايرانيين توقفوا عن التوجه نحو البحر الأبيض المتوسط، وهذا يدحض بمعنى ما، قول اللواء قاسم سليماني، بأن حزب الله يسيطر على ٧٤ نائبا في البرلمان اللبناني، علما ان التفسير السياسي لهذا القول الذي أحرج حزب الله قبل سواه، ان السليماني يريد تغطية تراجعاته في سوريا والعراق واليمن، أمام جمهوره، بادعاء الانتصار السياسي في لبنان.
وبالعودة الى اطفاء محركات التشكيل الحكومي، ثمة قناعة، بأن التعقيدات الحكومية في لبنان مرتبطة، كما هي دوما، بالبورصة السورية، مثلها، مثل عودة النازحين السوريين، تارة بالتنسيق وطورا بالعافية، ومن المؤشرات الدّالة الاستقبال الذي خصّه الرئيس بوتين لرئيس الحكومة اللبنانية المكلف، حيث أجلسه على يمينه، واستمع الى تصريحه في مقرّه، وليس في المكان المخصص، وحرص على أن يلتقيه قبل ان يلتقي ضيفه الأمير محمد بن سلمان، ليكون لقاء بن سلمان، مع الحريري بعدئذ لا قبله.
وكلما نضجت التسويات الاقليمية أكثر، اقتربت المحركات الحكومية وغير الحكومية من الدوران.
أما عن العقبات المتوالدة على طريق الانتظار، فمهمتها إبقاء الأجواء السياسية دافئة، وأحيانا متشنّجة، كحالة مرسوم التجنيس الجاري تنفيذه، تسللا كما صدر، وبالتقسيط المريح، نظرا لأن وقف تنفيذ أي مرسوم يتطلب مرسوما يلغيه، وليس تصريحا أو مجرد قرار. أما المشكلة مع مفوضية اللاجئين، فقد كانت غايتها التغطية على المرسوم المأزوم، وإذ باتت بحاجة الى غطاء بحجم شادر من طبقتين…