يُصرّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله على خلق أعداء لطائفته وشيطنة دول جارة وصديقة لصالح المشروع الذي ينقاد مع حزبه فيه تحت مزاعم وحجج واهية بمثابة الشماعة التي يعلق عليها نصرالله وحزبه كل ارتكاباتهم وأفعالهم بحق هذه الطائفة التي أصبحت تشبه الموت منذ أُعلن إنشاء عن حزب مذهبي طائفي سرق إنجازات المقاومة الوطنية وأخرج انتصاراتها من الأفق العام الى الزواريب الضيقة.
خلال لقائه السنوي مع المبلّغين وقارئي العزاء أول من أمس، استعاد نصرالله لغة التجني والتهديد والوعيد بحق المملكة العربية السعودية وهو الذي كان قد شن هجوماً مماثلاً على عدد من الصحافيين وأسماهم «شيعة السفارة الأميركية» ووصفهم بالعملاء والخونة، ليتأكد للقاصي والداني أن «حزب الله» وقادته لا يحملون مشروعاً وطنياً، بل فئوي يقوم على المصالح الإيرانية وتحديداً مصلحة «الولي الفقيه» وليتبين أن الحزب يستطيع أن يخلق في لحظة من الزمن أعداء وهميين يُرعب من خلالهم أبناء طائفته ليبقى متسلطاً في موقعه وكأنه المدافع الأوحد والأبرز عن مصالحهم ووجودهم في المنطقة.
مغالطات واتهامات لا تستند الى أدلة ولا إلى منطق، أخرجها نصرالله من جعبته بالجملة والمفرّق ظناً منه أنه ما زال يتمتع بالمصداقية ذاتها داخل بيئته كتلك التي كان يتصف بها قبل حرب تموز 2006. اتهم المملكة العربية السعودية بأنها «خطر وجودي في المنطقة» وأنها «قتلتنا في حرب تموز عام 2006« وحملها مسؤولية «القتل في المنطقة» وبأنها مولت الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في حربه على إيران. كل هذه الاتهامات كانت لتجد طريقها الى الآذان من دون أي مانع أو عائق، لولا أن اللبنانيين والعرب أصبحوا يعلمون حقيقة «حزب الله» والدور الذي يؤديه في المنطقة وآخرها ركوبه الموجة الأميركية – الروسية – الإسرائيلية – الإيرانية على حساب قضية ودماء أطفال سوريا.
مجموعة أسئلة لا بد من توجيهها الى نصرالله وحزبه في «اليوم العالمي» لتحوير الحقائق وتحريفها عن موضعها الصحيح. أولاً: هل السعودية هي من قتلت الشباب الشيعي المقاوم وعلقت مشانقهم على أشجار اقليم التفاح؟ هل هي من أرسلت بطلبكم الى مبنى السفارة الإيرانية في تلك المرحلة لتأخذ توقيعكم بالموافقة على قتل ألف شيعي مقابل إنهاء حالة حركة «أمل»؟ وهل هي التي حرّضت أهل البحرين على النظام وسعت الى انقلاب في الكويت عبر تهريب مئات الأطنان من الأسلحة اليها؟ وهل السعودية هي التي قتلت الشعب السوري واحتلت أرضه بعد أن طردته من جزء كبير منها؟، وهل هي التي استجلبت الإرهاب الى البلد ليضرب بسياراته المفخخة الآمنين في مراكز أعمالهم ومنازلهم وعلى الطرقات؟.
من غض الطرف عن مجازر بشار الأسد في الغوطة ودوما وقتله الأطفال والنساء بدم بارد في مدينة حمص وحماة وقرى القصير والقلمون، لا يمكن أن يُحاضر في العفّة وأن يتهم الآخرين بما هو مبتلٍ به ولا تجوز مُقارنته لا شرعاً ولا منطقاً، بين دولة سعت وما زالت إلى المحافظة على خصوصية لبنان ونسيجه المتنوع، وبين دولة لم تسعى يوماً إلا إلى خرابه وجعله منصّة لصواريخها وصندوق بريد منه تتوجّه بإرهابها إلى دول المنطقة وعليه تفاوض واليه تعود بكل أزماتها لتفرغها حقداً وتفرقة وادعاءات وافتراءات لا منطق يحكمها ولا عقل يتقبلها ولا رقاب تتحمل وزرها.
لم تعد مسليّة القصص التي يبتدعها «حزب الله» للبنانيين بين الفترة والأخرى والتي يهدف من ورائها إلى إلهائهم عن مشاكلهم التي يتسبّب هو بها، لكن أن تصل به الأمور إلى حد وضع سيناريوات وتركيب مشاهد من هنا وهناك وفبركة أقاويل فقط للنيل من السعودية، فهذا أمر لا يمكن أن يتقبله عاقل ولا أن يُصدقه مجنون. فبعدما كان قد سرح الخيال من قبل في الوصول إلى القدس عن طريق «الزبداني»، عاد ليسرح بالأمس مجدداً بقصة من نسج الخيال يقول مطلعها «إن السعودية تعمدت عدم إغاثة حجّاج منى وإبقائهم ساعات في ظروف قاسية، إضافة الى قيام الجرافات بجرف الحجاج ووضعهم في مستوعبات من دون التمييز بين الأموات والأحياء».
أمّا سؤال نصرالله التالي: من سيُسأل عن دمنا يوم القيامة والذي وجهه الى السعودية في معرض اتهامه لها بالتآمر على «حزب الله» في حرب تموز؟ فجوابه نُحيله إلى الرئيس سعد الحريري من خلال رده على سؤال نصرالله «أنت أول من سيُسأل يا سيد حسن، ستُسأل عن دم مئات الشباب اللبنانيين الذين دفعت بهم الى محارق الحرب في سوريا، وأنت ستُسأل عن دم آلاف السوريين الذين تتشارك مع بشار الأسد وداعش في مسؤولية قتلهم».