IMLebanon

متى نُبايع رئيس الجمهورية؟

 

تخطو المملكة العربية السعودية بثبات نحو حقبة جديدة من الحكم، حيث يحظى الجيل الثالث بمساحة مهمة، وفرصة فريدة للتحديث، وضخ الدماء الشابة، وأفكارها العصرية.

وتكمن أهمية التعيينات الأخيرة في عدّة جوانب:

أولاً في التوقيت، حيث راهن الكثيرون على انعكاس الحرب في اليمن على الداخل السعودي عبر نقل شرارتها إليه، فكانت النتائج مخيبة للمراهنين، وحسمت «عاصفة الحزم» بتغليب منطق الدولة في البلد الشقيق، وعبر توحيد الموقف العربي بعد طول انشقاق، فكانت نقطة الفصل بين طول الباع والدبلوماسية في تقريب وجهات النظر، والضرب بالحديد والنار كل من تسوّل له نفسه التلاعب بمصير وطنه، والإخلال باستقرار المنطقة ككل، عبر زرع الفتن المذهبية واغتصاب السلطة بقوة السلاح غير الشرعي.

ثانياً، إن السلاسة التي تم خلالها انتقال السلطة والمبايعة الشعبية والرسمية، وحتى ضمن العائلة المالكة، كانت ملفتة، ومخيبة لأعداء المملكة الذين بقوا يراهنون على تصدّع الجبهة الداخلية ويبثون شائعاتهم وسيناريوهاتهم الخيالية، حول الخلافات داخل البيت الواحد، فجاءت المبايعة الواسعة والحاشدة لتدحض كل الادعاءات، وتثبت مرّة جديدة تغليب مصلحة الدولة العليا على أية اعتبارات أخرى، حيث أفسح الجيل الثاني المجال أمام الأحفاد لإثبات مقدراتهم، وفتح أبواب المراكز الحكومية للكفاءات العالية من خارج العائلة الحاكمة، حتى تخطو المملكة نحو الحداثة والتطوير، بخطى ثابتة، وبجبهة داخلية صلبة، في حين يتمتع الجيل الثالث بالدعم المعنوي واللوجستي والغطاء السياسي الكامل.

هنيئاً للمملكة، حكومة وشعباً، الخطوات الكبيرة نحو الحداثة والتطوير، بثبات ورؤيا استراتيجية واضحة، تحافظ على إرث المملكة واستقرارها، في حين لا يزال اللبنانيون ينتظرون استعادة بعض من ديمقراطيتهم المفقودة، بسبب غياب الرؤيا عند السياسيين، وتخبط المصالح الوطنية في بحر الأجندات الخارجية، فيدخل الوطن الصغير في مخاض عسير عند كل انتقال للسلطة أو حتى عند كل استحقاق، فلا النواب أحرار في انتخاب رئيس الجمهورية، ولا الشعب بقادر على ممارسة حقه باختيار نوابه، كما ينص الدستور، والحكومة هي الجهة الرسمية الوحيدة الفعّالة حتى اليوم، وهي بالتالي ساحة المبارزة الأخيرة بين الخصوم، حيث تبقى الطاولة في جهوزية عالية للانقلاب في حال استفحل الخلاف!

فهل تُبنى الأوطان في غياب الرؤيا الوطنية الواحدة، وانقضاض الجميع على السلطة، وكأنها حق مكتسب، أم هي الطريق إلى هدم ما تبقى من الوطن المعذب؟

نادين سلام