لسنا ندري ما اذا كان قداسة البابا فرنسيس الاول كان يقصد الرئيس الاميركي دونالد ترامب عندما حذّر، امام الحشود في ساحة القديس بطرس، يوم الاربعاء الماضي، من هتلر جديد! ربّما اجل وربما لا … ولعل قداسته كان يقصد الكثيرين ممن يمكن ان يكونوا هتلر وحتى نيرون.
الاّ انّ ما لا يمكن اغفاله مسارعة ترامب الى وضع الشعارات التي اطلقها في حملته الانتخابية الرئاسية وفي خطاب التنصيب موضع التنفيذ… في ظاهرة غير مسبوقة … فهو لم يترك المهلة المتعارف عليها (المئة يوم على بدء الولاية) للحكم عليه، انما كشف اوراقه منذ اليوم، فإذا قرارته متطابقة مع وعوده وتعهداته حتى الان.
كثيرون علقوا خلال الحملة الانتخابية، على الوعود بالقول: إنّ الرجل سيتراجع لان ساكن البيت الابيض سيكون غير الساعي اليه.
ولكن الرجل لم يبدّل في مواقفه حتى الان، انما بادر الى وضع الكثير من تلك الوعود، على خطورتها، موضع التنفيذ.
وكان ترامب قد تعهد بأن «رؤية اميركا اولا ستحكم جميع القرارت»، واكد على تعزيز التحالفات «ضد الارهاب الاسلامي المتطرّف …. الذي سنزيله تماما من على وجه الارض».
ومن الطبيعي ان تلاقي هذه المواقف بالغة التطرّف من يؤيدها ومن يعارضها، ليس فقط في الخارج، انما ايضا في الداخل الاميركي. بل لعلّ المعارضين في الداخل ذهبوا ويذهبون ابعد مدى في معارضتهم من المعارضين والمعترضين في الخارج.
واللافت ان ترامب لا يفرّق بين مسلم وآخر في البلدان السبعة التي صنّفها ارهابية وحظر على شعوبها دخول الولايات المتحدة الاميركية في سابقة غير مألوفة وهي عدم اعطاء اي مهلة زمنية ليتدبر الالوف من رعايا «البلدان السبعة» امورهم فكان ما كان من حال ارباك وذعر وخسائر مادية افرادية هائلة لقاطعي تذاكر السفر، وللذين كانوا في الطائرات، بل خصوصا للذين كانت قد حطّت بهم الطائرات في المطارات الاميركية وهم من رعايا البلدان السبعة التي صدر في حقها «القرار التنفيذي» وهي: العراق وايران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن.
علما ان ترامب اتخذ القرار التنفيذي امام مجموعة من الضّباط، وانه اعترف بأن قراره «امر ضخم» … وحمل القرار عنوان «حماية الامة من دخول ارهابيين جدد الى الولايات المتحدة».
وفي الوقت ذاته بادر ترامب الى الاعداد لتنفيذ تهديده بإقامة جدار على طول الحدود مع المكسيك بكلفة تقدر بعشرة بلايين دولار ستدفعها المكسيك ان مباشرة او عبر الضريبة الجديدة التي قرر فرضها على السلع المكسيكية الواردة الى الولايات المتحدة … طبعا المكسيك رفضت.
وعلى خطورة هذا القرار الاخير فإنه لا يعني سائر بلدان المعمورة بقدر ما يعنيها قرار حظر السفر المذكور اعلاه والذي بادرت دول معنية الى الرد عليه بالمثل (بدءا بإيران) فيما ارتفع صراخ الاوروبيين واحتجاجهم خصوصا وان مطارات اوروبا هي نقطة نقل عبر الاطلسي، بين الدول السبع والقارة الاميركية مع ما يعني ذلك من مترتبات مالية هائلة…
اما اخطر ما يمكن ان يترتب على قرارات ترامب من نتائج فهو ذلك الذي اخذ رأس جبل الجليد يظهر منه في الولايات المتحدة ذاتها عبر اعلان ولاية فلوريدا التهيئة لاستفتاء على البقاء مع سائر الولايات او الانسلاخ عنها واعلان الاستقلال وربما يكون ذلك بداية فرط المسبحة وسقوط حباتها تباعا.