IMLebanon

عندما يحذر الرئيس بري من الثورة

قانون الإنتخابات مشكلة سياسية كبيرة.

هذه حقيقة خطرة.

إلاّ أنّ الأخطر أنها قد تتحوّل الى مشكلة وطنية خطرة. بدليل أنّ الرئيس نبيه بري ينبه بشدة الى أن عدم إجراء الإنتخابات النيابية قد يؤدي الى ثورة في لبنان. جاء كلام رئيس مجلس النواب في معرض قوله إنه يفضل قانون الستين ستين مرة على عدم إجراء الإنتخابات النيابية.

وفي الواقع أن دولته سبق له، قبل |أسابيع قليلة، أن حذّر من أن إجراء الإنتخابات النيابية على قانون الستين يؤدي الى ثورة شعبية. وانه يؤثر إجراء الإنتخابات بقانون الستين على الفراغ النيابي.

ويرجى ألا يفهم من كلام الرئيس بري أنه يدعو الى الثورة في الحالين، الأولى والثانية، إنما هو يحذر من التمادي السياسي في عدم إجراء الإنتخابات، وهو الذي سعى الى  «تسهيل» المهمة الإنتخابية باقتراحه إجراء الإنتخابات النيابية على مرحلتين: التأهيلية ثم على القانون المختلط.

وهي محاولة يجدر بالسياسيين التوقف عندها بإيجابية. كما يؤمل من الأطراف جميعاً أن تواجه هذا المأزق الإنتخابي بكثير من المسؤولية والجدية. إذ من غير المعقول الوصول امام الحائط المسدود بعد ثماني سنوات على الوعود والإلتزامات المتتالية التي أعقبت الإنتخابات النيابية الأخيرة. وهي وعود والتزامات تراكمت في البيانات الوزارية كافة التي أصدرتها الحكومات المتعاقبة طوال السنوات الثماني الماضية والتي نالت ثقة هؤلاء النواب المحظوظين الذين قُيض لهم ثلاث ولايات: الأساسية، والممدة، والممدة ثانية.

تجدر الإشارة، بداية، الى أنه لا يجوز في أي حال من الأحوال تحميل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المسؤولية في هذا المأزق الخطر الذي وجدنا أنفسنا في صميمه. فالرئيس عون يصح فيه القول الشهير «بالقصر من مبارح العصر»… فالمدة المحدودة التي مرت على وجوده في سدة الرئاسة لا يمكن أن تنتج قانوناً للإنتخابات في بلد لا تقوم فيه (أو لم تعد تقوم) معادلة المعارضة والموالاة…

فمن المتعذر أن تعرف من هو الموالي ومن هو المعارض. حتى داخل الحكومة ذاتها قلما يجمع القوم على قضية حساسة من القضايا المهمة وما أكثرها.

أضف الى ذلك تلك الباطنية التي تتعامل بها أكثرية الأطياف، إن لم تكن كلها، مع قانون الإنتخاب. فكل يغني على ليلاه، وكل (بل معظمهم) يقول ما لا يضمر. ويطرح ما لا يريد إقراره من مشاريع ومقترحات.

أمس إستمعنا الى «مصادر» القصر الرئاسي تقول ما يُفهم منه أن رئيس الجمهورية ليس «مزروكاً» في مسألة قانون الإنتخاب، وأن لديه كثيراً من الخيارات… من ذلك الرسالة الى مجلس النواب، وإيقاظ طاولة الحوار من سباتها الخ… ولعل أهم ما توحي به «المصادر» أنّ لا خوف من الفراغ النيابي. وان فخامة الرئيس ليس من الساعين الى الفراغ أو الذين قد يرتاحون اليه وهو الذي يريد عهداً فاعلاً… ولا فاعليه من دون مجلس نيابي.

ومعلوم أن الرئيس عون التزم بعدم إجراء الإنتخابات النيابية على قانون الستين وليس جديداً القول إنه خاض «معركته الرئاسية» على بضعة التزامات وشعارات وفي طليعتها إسقاط قانون الستين.

وعليه، كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟

بعدما أسقط الرئيس نبيه بري الدعوة الى عرض المشاريع الموجودة في مجلس النواب على التصويت مخافة إقرار قانون قد يعتبره بعض الأطياف مسيئاً جداً اليه… نرى أنّ الضرورة باتت تقتضي عقد طاولة حوار في القصر الجمهوري، فيوضع المتحاورون في قاعة لا يخرجون منها إلاّ بقانون إنتخابات جديد كائناً ما يكون. أمّا الرسالة الى مجلس النواب فلن يكون لها أي فعل يتجاوز رفع العتب.