Site icon IMLebanon

عندما يَرفع بطريرك الكاثوليك الصوت

تتعقَّد الملفات الداخلية وتتداخل مع الأزمات الإقليمية، وسط عدم إقدام اللبنانيين على فكّ الحصار عن موقع رئاسة الجمهوريّة وتحرير بقية المؤسسات، وفي هذا الإطار، يرفع بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق وأورشليم والإسكندريّة للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحّام الصوت عبر «الجمهوريّة»، مطالباً بإنتخاب رئيس الجمهوريّة وعودة المؤسسات الى العمل.

من عجائب السياسة اللبنانية وغرائبها أن يرتبط ملف نقل موظّف في الدولة أو مشكلة تواجه مديراً عاماً بأزمات المنطقة، كل ذلك يصبح واقعاً في بلد مثل لبنان، إذ إنّ الإدارة والحكم هي حلقة كاملة متكاملة، فإذا فقدت إحداها تعطلت مسيرة الدولة، فكيف الحال إذا غاب رأس الجمهوريّة اللبنانية.

قد تكون أزمة المدير العام لجهاز أمن الدولة مشكلة تحتاج الى حلّ بسيط أو تنتظر الحَكم الذي يحلّها، لكن في غياب الحكم، أي رئيس الجمهوريّة، تصبح هذه الازمة مستعصية خصوصاً إذا أتت ضمن سلسلة إستهداف المسيحيين في الدولة.

وعن هذه المشكلة يتحدّث البطريرك لحّام، وينفي كل ما يشاع عن أنّ البطريركية الكاثوليكية لم تتدخّل إلّا متأخرّة، موضحاً أنّ «ليس كل ما يفعله يقوله، فقد بدأت بالعمل على سكة هذه الأزمة منذ مدّة، وتواصلت مع الوزراء في الحكومة اللبنانية ومع رئيس الحكومة تمام سلام الذي وعد بالحلّ، كذلك صدرت بيانات واضحة عن المجلس الأعلى لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك الذي أترأسه شخصياً، رافضة كل ما يتعرّض له الجهاز ومديره العام اللواء جورج قرعة من مضايقات، وهذا الملفّ سنسير به الى النهاية».

ويؤكّد لحّام «أننا نترك الإتصالات تأخذ مجراها، ونراهن على الحلّ الذي يؤمّن عمل أمن الدولة ويحفظ حقوق الجميع»، مشدّداً على أنّ «إلغاء هذا الجهاز خطّ أحمر، وأمر سنرفضه»، لافتاً الى أن «إلغاءه يؤشّر الى إلغاءات وإقصاءات بحقّ مناصب أخرى هي حقّ لأحد المكونات اللبنانية، لذلك يجب معالجة الأمور بما يخدم المصلحة الوطنية العليا».

ويرحّب لحّام بمتابعة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ملفّ أمن الدولة وبقية الملفات التي تخصّ الطائفة، معتبراً أنّ «تكافل وتضامن الجميع يؤديان إلى ضغط من اجل تسهيل الحلول، وفي الوحدة قوّة».

ويدعو لحّام الى «صوغ الحلول اللبنانية»، مشدداً على «ضرورة الإصغاء إلى الصوت المسيحي الذي ارتفع ضدّ الغبن الذي يلاحقهم في مؤسسات الدولة لكي يشعر جميع أبناء الوطن بالإرتياح والشراكة»، قائلاً إنّ «المسألة ليست مطلباً مسيحياً أو طائفياً بل إنّها مسألة وطنية شاملة يجب معالجتها على صعيد الوطن لكيّ يستقيم عمل مؤسسات الدولة خدمةً لجميع المواطنين».

في الموازاة، فإنّ هناك ملفّاً ثانياً مهمّاً يطغى على الساحة الكاثوليكيّة والمسيحيّة، وهو أزمة العلاقة بين راعي أبرشية زحلة والفرزل للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش وفاعليات المدينة وكان آخرها مع رئيسة «الكتلة الشعبية» ميريم سكاف.

وفي هذا الإطار، يوضح لحّام أنه «على تواصل دائم مع المطارنة جميعاً وخصوصاً المطران درويش، ونحاول رأب صدع كل خلاف، وبإذن الله تعود الأمور الى طبيعتها، وانا أتابع شؤون رعيتي وأجمع بين جميع الناس، لأن الدين المسيحي هو دين محبّة وألفة».

وأمام كل التحديات التي تطرح في المنطقة، وبعد إعلان الاكراد الحكم الفدرالي في سوريا، يحذّر لحّام من أنّ «الفدرالية هي خطر على التعدّدية والتنوّع في الشرق وستؤدي الى مزيد من المشاكل»، فاصلاً بين «الفدرالية التي تطبّق في الغرب وبين الفدرالية المقترحة في بلادنا، ففي الشرق ستأخذ طابعاً دينياً وتقسيمياً بينما هدفنا جمع كل البشر والإبقاء على الوحدة بين الطوائف، بينما في الغرب هي اتحادية ومناطقية».

ويكشف لحام أنه «سيعقد لقاءات مع مفكّرين سوريّين لطرح أفكار تساعد في الحلّ السوري وتضمن الوجود المسيحي والتعايش مع الآخرين»، معتبراً أنه «من المبكر جدّاً الحديث عن الدستور السوري الجديد لأنه سيحتاج بعض الوقت». ويجزم أنّ «الوجود المسيحي متجذّر في سوريا، وعلى مدى أسبوع إحتفلنا بالفصح وملأنا أرجاء البلد بهجةً وفرحاً»، مشدّداً على «أننا لن نيأس، فنحن أبناء القيامة».