IMLebanon

.. عندما «يستنجد» السيد بإسرائيل

فعلها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله. فعلها واعتذر عن مقارنة العدو الاسرائيلي بالسعودية! فـ»اسرائيل لم تقصف اضرحة ولا مقامات.. حتى انها لم تعتدِ على المستشفيات الا في حالات قليلة. اما العدوان السعودي الوحشي على اليمن فقد فعل كل ذلك».!

مع انطلاقة «الثورة السورية»، واجه «حزب الله« وإعلامه كل من يقارن وحشية الاسد بوحشية اسرائيل، بتهمة الخيانة والعمالة و»التبرير للكيان الصهيوني». لكن بما ان نصرالله تخلّى عن تحفظاته، ولم يعد يرى في المقارنة مع اسرائيل عمالة و»تبريراً للعدو الصهيوني»، فلنبدأ الحساب بالورقة والقلم. فلنقارن بين بشار وشارون. بين الحصار الاسرائيلي لبيروت لـ76 يوماً عام 1982 ، وحصار النظام السوري لحمص ولمخيّم اليرموك وللغوطة، المتواصل منذ سنوات. بين حصار بيروت وحصار «القصير» على يد سماحته. هناك حيث أكل الناس ورق الشجر. بين تصريح الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز عقب مجزرة قانا وتصريح بشار الاسد المتهكّم عن «طناجر الضغط» حين سأله مراسل الـ»بي بي سي» عن براميل البارود. بين الاسير المحرّر سمير القنطار الذي حاز شهادة دكتوراه في السجون الاسرائيلية والشهيد الطفل حمزة الخطيب (13 عاماً) ومعه 14 الف معتقل (موثقون بالاسماء) الذين استشهدوا تحت التعذيب الوحشي. بين مجزرة صبرا وشاتيلا ومجازر النظام السوري في الحولة والغوطة وبانياس والخالدية وكرم الزيتون والبياضة وغيرها من المذابح اليومية. ولنعتمد ايضاً ارقام منظمات عالمية، بما ان السيّد بات يعترف بأرقام «هيومن رايتس ووتش» حول اليمن، بعد ان رمى بتقاريرها السورية على الارض.

ولتكن المقارنة اقرب. فعدوان تموز عام 2006، وبكل مآسيه ووحشيته، اوقع 1200 شهيد خلال 33 يوما. في حين قتل بشار الاسد 1466 سورياً في مجزرة واحدة في «ليلة ما فيها ضو قمر» (هجومه بالكيماوي على الغوطة في 21 آب 2013)! وعلى سبيل المقارنة ايضاً، تقول علا عوض، رئيسة الاحصاء الفلسطيني، ان عدد الشهداء الفلسطينيين، منذ بداية انتفاضة الاقصى ( 2000/9/29) حتى (2013/12/31) بلغ 7822 شهيدا. في حين بلغ عدد القتلى في سوريا 215 الفاً (الموثقون بالاسماء فقط) 80% منهم من المدنيين! اي ان بشار الاسد قتل في 4 سنوات اضعاف اضعاف ما قتله الكيان الصهيوني الارهابي من الفلسطينيين خلال 13 عاماً! وبحسب تقرير نشرته مجموعة «العمل من اجل فلسطينيي سوريا» الحقوقية، فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين قضوا في معتقلات النظام السوري بلغ 358 قتيلا خلال 4 اعوام. في حين احصت وزارة شؤون الاسرى والمحررين الفلسطينية 196 فلسطينيا قضوا في سجون الكيان الصهيوني منذ عام 1967!

ويتحدّث السيّد عن استهداف «العدوان السعودي الوحشي» للمشافي في اليمن، «في سابقة خطيرة تشرّع قيام الاسرائيليين والاميركيين والتكفيريين بمثلها، وتلغي قاموس المحرمات».سابقة ؟! هل يعلم نصرالله كم من مشفى ومنشأة طبية وطبيب استهدف النظام في سوريا، حتى قبل ان تنجرّ «الثورة» الى العسكرة؟ تؤكد المنظمات الدولية (التي اعترف نصرالله بأرقامها في الملف اليمني) أن «اكثر من 60% من المستشفيات السورية، الخاصة والحكومية، متوقفة بشكل كامل، بفعل استهداف النظام لعشرات المستشفيات في كافة المحافظات بالقصف والتدمير الممنهج، كما استهدف الكوادر الطبية بالقتل والاعتقال والتعذيب». وبلغت الامور سوءا الى حد بات فيه الناشط غير الطبيب، يضطر الى اجراء عمليات جراحية وبتر للاطراف من دون تخدير، علّ المصاب ينجو من موت محتّم. ربما يجدر بنصرالله قراءة شهادة الدكتور ديفيد نوط، الجرّاح البريطاني المعروف، الذي عاد الى بريطانيا من سوريا ليروي مشاهداته :» الاسد يستهدف كافة الاطباء والمؤسسات الصحية والعاملين فيها في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وقنّاصة النظام يتعمّدون قنص النساء كرياضة يتنافسون عليها في ما بينهم». هكذا بالحرف.

لم ينفِ نصرالله يوماً مجازر النظام السوري بحق الشعب. لكن الخطاب الضمني لـ»حزب الله«، كان يعتبرها «اضراراً جانبية»، فهناك ما هو اهم من كل هذه المجازر. يجب التفكير بالمؤامرة الصهيوتكفيرية على المقاومة ومحورها. يتوقّف العد وتُعمى الابصار حين يصل السيّد الى الملف السوري. يصبح القتل والموت والدمار تفصيلاً. وقع برميل بارود على مدرسة وقتل كل من فيها ؟! لا بأس. كل الحروب فيها أخطاء. قُلعت أظافر حمزة الخطيب ؟! هذا تفصيل… انظروا الى المؤامرة! ذُبِح القاشوش واقتلعت حنجرته ؟! تعرفون ان يد النظام ثقيلة بعض الشي. دفنوا ناشطاً في التراب وهو حي وهم يجبرونه على الكفر بالله وتوحيد الههم بشار؟ اغتصبوا، عذّبوا، نكّلوا، مزّقوا الأحشاء أمام الكاميرات؟! ممارسات فردية، لا تعمّموا.

ليس بوسع الضحية أن تطلب من القاتل أن يتوقّف عن إلقاء البراميل المتفجرة في حلب أو تدمير «القصير» على رؤوس ساكنيها أو إغراق مراكب النازحين قرب عدن. الحروب القذرة لا قواعد لها. لكن بإمكان الضحية أن تقول للقاتل كلمة واحدة: « دعك من الحديث عن اخلاقيات الحروب»!