IMLebanon

عندما يتكلس النبوغ اللبناني  في استثمار ثروة الغاز والنفط

يبقى النبوغ اللبناني مجلياً ولامعاً في شؤون كثيرة، الى أن يصل الى… السياسة! والسبب مفهوم، فالنبوغ أمر شخصي وفردي، ولكن السياسة عمل يتعلق بالجماعة. وكيف لبلد تأسس عى قاعدة أنه مجموعة طوائف ومذاهب وليس شعباً واحداً في حاضنة الوطن، أن ينتج طبقة سياسية غير طائفية وغير مذهبية! وخلافاً لما قد يتبادر للذهن من الوهلة الأولى… فهذا الأساس الطائفي – المذهبي لا علاقة له البتة، لا بالدين، ولا بالايديولوجيا، ولا بالفلسفة، ولا بالأخلاق، ولا بالثقافة، ولا بأي شيء ينتمي الى القيم! أساسه الحقيقي والعملي والواقعي هو المصالح الفئوية أو الفردية، أولاً وأخيراً ! أما الطائفية والمذهبية ومشتقاتهما، كل ذلك هو من عدة الشغل لا أكثر ولا أقل! وعندما يصل الأمر الى هذه المصالح التي ترتقي الى مستوى القداسة في نظر أصحابها، تسقط وكل المحرمات ويتبخر التابو، وأكثر السياسيين نبوغاً يتصرف بسذاجة لا يحسد عليها، ما عدا قلة قليلة جداً من السياسيين الذين ارتقوا الى مستوى القيادة الوطنية.

***

مسلسل الأزمات التي عصفت بلبنان منذ الاستقلال والى يومنا هذا، مروراً بمحطات المواجهات الداخلية الباردة والساخنة والحرب الطويلة، كله يندرج تحت هذا العنوان العريض، مع الأخذ في الاعتبار المؤثرات الاقليمية والدولية بدرجة عالية من الأهمية. غير أن المسار المتدحرج الانحداري المستمر، اتبع وتيرة متسارعة في السنوات الأخيرة، الى درجة قادت الى ما يعانيه لبنان اليوم، من شغور رئاسي وتشريعي وتنفيذي بنسب متفاوتة، وبلغت في هذه الآونة صفة كاريكاتورية في مشاهد كثيرة… أقلها في الآونة الأخيرة مشهدان: مشهد آخر رئيس للجمهورية يوهم نفسه والآخرين – في ظل الشغور الرئاسي – وكأنه لا يزال رئيساً للجمهورية! والمشهد الثاني، استقالة وزيري الكتائب من الحكومة، وكانت أشبه بمفرقعة انفجرت داخل حرم الصيفي قبل أن تصل الي أعتاب السراي!

***

… ولكن هذه قصص صغيرة لا تقدم ولا تؤخر على المستوى الرطني العام. وما يحمل على اللوعة والأسى هو تكلس النبوغ اللبناني في موضوع استراتيجي يتعلق بحاضر الوطن ومستقبل شعبه، ويتناول ثروته الكبيرة أو الضخمة أو الهائلة بحسب ما يثبت لاحقاً، من الغاز والنفط في البحر والبر! وقد فات هذا النبوغ أن يستثمر هذه الثروة في زمن الرخاء وعندما كان برميل النفط يتجاوز سعره المائة وأربعين دولاراً! وحتى مع بلوغ سعر النفط هذا المستوى المنخفض حالياً، يفوت الذكاء اللبناني المتهم بالنبوغ، أن يتحرك لتدارك ما فات، وتعويض ما يمكن تعويضه! وهل سيستمر النبوغ المزعوم في الكوما الى أن تنتهي اسرائيل من شفط آخر قطرة نفط وغاز في المياه اللبنانية؟!