الذين يتمسكون بتمثيل نواب سنة معارضين لتيار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، يبررون موقفهم بالقول بضرورة وجود وجهة نظر سنية أخرى داخل مجلس الوزراء. ويستطرد هؤلاء شارحين وجهة نظرهم، فيقولون إن النظام التوافقي البرلماني يفترض تمثيل كل التوجهات في الحكومة كي يستقيم الحكم وتنتصب العدالة بين الناس.
في الممارسة، يتخلى أصحاب التنظير الآنف الذكر عن نظريتهم، إذ يحصرون مفاعيلها بالنواب «السنة» من أنصار «حزب الله» ، ولا يرون سبباً لشمولها نواباً وشخصيات ووجوهاً أخرى، في الطائفة الشيعية مثلاً، أو في الوسط السياسي المنتمي الى طوائف أخرى. ففي الحلقة الشيعية، لا يثير إحد إمكانية تمثيل آلاف الشيعة المستقلين أو الذين لا ينتمون الى الثنائي الممسك بقرار طائفته الى الأبد، وفي الوسط المسيحي لم يلجأ أحد الى تجميع عشرات النواب المستقلين فعلياً، وليست كتلهم القائمة أكثر من باص انتخابي أنجز مهمته، بهدف المطالبة بوزراء لهم.
استطراداً، يصح السؤال: هل إن الذين امتنعوا عن التصويت في الانتخابات العامة، والمرشحين الذين سقطوا بفعل القانون وليس بفعل التصويت، لا يحق لهم أن يتمثلوا في الحكم؟ وكيف تستقيم في هذه الحالة خطابات المساواة والعدالة والوفاق والوحدة الوطنية؟ كل تلك الأسئلة والتساؤلات يجري حجبها، فالمسألة الآن هي تمثيل النواب الستة المجتمعين تحت راية معارضة سعد الحريري، وكلهم يطمح الى وزارة ومنصب. صحيح أنهم يدينون جميعاً بالولاء لـ«حزب الله»، لكن هذا الانتماء وحده لا يكفي، فشرط حضورهم السياسي هو مواجهة الحريري من الموقع «السني»، وهذا في الأصل منطلقهم السياسي، وهو قاعدة لعلاقاتهم وتحالفاتهم من لبنان الى سورية الأسد، ولو لم يكن ذلك الشرط متوافراً، أي رفضهم الحريري وما يمثله، لن يجدوا من يتبناهم ويخوض المعارك من أجلهم، وربما كنا سنشهد عقدة باسم آخر، لأن الهدف بالنسبة الى فريق التعطيل ومتفرعاته لا يزال هو نفسه منذ اغتيال رفيق الحريري: إنهاء ما مثله الرجل وإبعاد ورثة نهجه عن الحياة السياسية اللبنانية.
اليوم، تتواصل المحاولة بأسلوب يتلاءم مع الظروف المستجدة، وكثيرون باتوا يتحدثون عن استهداف سعد الحريري لإجباره على الانسحاب. لكن الرجل ليس في هذا الوارد، وموقف رئيس الجمهورية الداعم لمنطقه في تشكيل الحكومة مهم جداً في كشف مستقبل وأهداف التمسك «الشيعي» بالـ»سنة» الجدد.