IMLebanon

عندما ينهار النظام العربي … يأتي دور الشعوب!

معنى النظام العربي هو وجود منظومة قواعد وآليات تنظم العلاقات بين مجموعة الدول العربية على أساس الانتماء القومي. وهذه المنظومة تفترض تحقيق تعاون وتضامن ووحدة موقف أقله حول القضايا المصيرية الكبرى. وكان هذا الواقع يتحقق من خارج مؤسسات قائمة فعلا على المستوى القومي لتنفيذ هذه الغاية. أما جامعة الدول العربية فلم تكن أكثر من اطار صوري هشّ، وليس له أي تأثير فعلي في هذا الشأن. وما كان يحدث عمليا هو انه في حال تفاهم بين اثنتين أو ثلاث من العواصم العربية الكبرى ولا سيما بين القاهرة والرياض، كان يتحقق تضامن عربي، بعد استبعاد التأثير الأجنبي للدول العظمى في القرار العربي، ولا سيما ما يتعلق باسرائيل واغتصابها لفلسطين. وهذا ما جمع مثلا بين مصر عبدالناصر والسعودية في عهد الملك فيصل، على الرغم من التحالف المصري مع السوفيات، والتحالف السعودي مع الأميركان.

***

مخططو الاستراتيجية في الولايات المتحدة الأميركية درسوا هذا الواقع بعمق واستوعبوه جيدا. وكان التوجه طويل المدى العمل على عدة خطوط. الأول التخلص من المقولة العربية القائلة بأن قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى والمركزية. وهكذا عمل الأميركيون على أن يكون لكل دولة عربية – لا سيما الكبرى منها – قضيتها المركزية الخاصة بها والتي تتعلق بمصيرها ومصير شعبها، لاعطائها الأفضلية على أية قضية أخرى بالمطلق. والخط الثاني، كان التركيز على الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية لانهاكه، وشق الصف الوطني جغرافيا وسياسيا وعقائديا: بين ضفة وغزة، وبين فتح وحماس. والخط الثالث والثابت، كانت محاربة أميركا بشراسة للنزعة العربية القومية ذات الطابع المدني، وأي توجه نحو الوحدة أو الاتحاد بين العرب، سواء أكان جزئيا، أم كليا. والخط الرابع، كان – على العكس – تشجيع وتغذية النزعات الدينية، الطائفية والمذهبية بما تنطوي عليه من غرائز العدوانية وإلغاء الآخر! وكذلك تشجيع النزعات العرقية وتغذية توجهاتها الانفصالية!

***

عمليا، النظام العربي انتهى ولم يعد قائما اليوم، بمعنى تنسيق العلاقات بين الدول العربية على أساس الانتماء القومي. وحال الدول العربية اليوم اما مدمّرة مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال، واما مقسمة مثل السودان، واما مستنزفة مثل مصر والجزائر وتونس ودول الخليج، واما محتلة مثل فلسطين. وفي الرؤية الأميركية والاسرائيلية ان الوقت قد حان للاجهاز على ما تبقى من أنظمة عربية في مدى السنوات العشر المقبلة على أبعد تقدير، وتسليم زعامة المنطقة لاسرائيل! والخطأ الفادح في هذه الرؤية، هو اسقاط دور الشعوب العربية في هذه المعادلة… ذلك ان المعادلة في كل زمان ومكان هي انه عندما تنهار الأنظمة يأتي دور الشعوب لتصحيح المسار التاريخي!