لأول وهلة يظن المرء أن العنوان يتصل بلبنان وهذا من رابع المستحيلات لكنه يتصل فعلا بالعراق. ففي الساعات الماضية أفاد مصدر في الداخلية العراقية أن قوة من الجيش هناك طوّقت مقرا لكتائب “حزب الله” في شرق بغداد بسبب إيواء الحزب خمسة مطلوبين للقضاء تابعين له. وقبل ذلك حدثت تطورات في الاسابيع القليلة الماضية جعلت إيران الامام علي خامنئي مرتابة حيال ما يجري في لبنان والعراق معاً.
لم يعد خافياً أن التظاهرات التي انطلقت في لبنان على خلفية مسألة النفايات، والتي انطلقت في العراق على خلفية الكهرباء أقلقت طهران. وإذا كانت صورة الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في إحدى تظاهرات بيروت طيّرت صواب الحزب لأنها لمحت الى شراكته مع سائر قادة لبنان في تحمل المسؤولية عن الفساد، فإن هتاف المتظاهرين الشيعة في العراق بـ”إيران برا برا وبغداد تبقى حرّة…” أصابت دوائر المحافظين في طهران بالارباك. وقد لفت مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان الذي زار بيروت قبل أيام الى “وجود بعض الأزمات في المنطقة لا مصلحة في وجودها مثل أزمة النفايات في لبنان وأزمة مكافحة الفساد في العراق وكذلك زيادة الضغوط الخارجية لإطاحة الرئيس بشار الاسد…”.
في لبنان، وفي موازاة تحرّك المجتمع المدني الذي أطلق شرارة الاحتجاج على سوء إدارة أزمة النفايات، وكان موفّقاً في عنوان “طلعت ريحتكم”، كانت أعمال الشغب التي تسبب بها شبان في منطقتيّ خندق الغميق في بيروت والشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت وكلاهما يفترض أنه تابع لحركة “أمل” برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أطلق في المقابل مبادرة حوار نيابية ستنطلق بعد أيام. من جهتها قالت صحيفة “كيهان” الايرانية المحافظة “إن الفريق المستأثر بالسلطة المدعوم أميركياً وسعودياً لا يريد أن يغادر موقعه حتى وإن غرق لبنان في النفايات والفساد والازمات الاجتماعية…” لكنها في المقابل امتدحت مسبقا تظاهرة العونيين امس وقالت إن تحرّك هؤلاء “بداية سلسلة تظاهرات حتى يحققوا أهدافهم”.
في العراق، سعى الجنرال قاسم سليماني الى إخراج حليف طهران رئيس الحكومة العراقية الأسبق نوري المالكي من ورطة هددت بإيصاله الى السجن. فقد ذكرت معلومات أن رئيس الوزراء حيدر العبادي سلّم ملفا الى المرجع السيستاني يفيد بأن المالكي يتحمل مسؤولية سقوط الموصل بيد “داعش” وتبديد ثروات طائلة لمصلحة سليماني. وهذا يعيد الى الاذهان ما ورد في ملف نشرته مجلة “نيويوركر” في 30 أيلول عام 2013 وفيه أن حكومة المالكي خصصت على مدى أعوام نحو 200 الف برميل من نفط العراق يومياً، ما يعادل مليارات الدولارات وإرسالها الى سليماني وتاليا “حزب الله”.
إنها رائحة فساد تتصاعد من بيروت الى بغداد وستصل الى طهران ولا أحد يعلم كيف ستحاول الاخيرة إخفاءها؟