Site icon IMLebanon

عند الامتحان.. تُكرّم إيران أو تُهان!

ليس خافياً على أحد أن قراءة إنجاز «الاتفاق النووي» قبل «عاصفة الحزم» شيء، وبعدها شيء آخر، بعدما وصلت رسالة «الحزم» إلى من يهمه الأمر، في طهران ولوزان، وما بعدهما في واشنطن.

وليس سراً أن «عاصفة الحزم» فعلت فعلها، في «عقلنة» الحسابات الإيرانية، التي كانت تتاجر بـ«الغياب العربي» على طاولة مفاوضاتها مع القوى الغربية، وتفاخر بالسيطرة على قرار العواصم العربية، طمعاً بالتسليم بدورها، وتسليمها مفاتيح المنطقة، على طبق «نووي».

يمكن القول إن حسابات البيدر الإيراني لم تطابق حسابات الحقل. أوهام التوسع في المنطقة على «رؤوس النووي» ذهبت أدراج الرياح، لحساب تقديم التنازلات من أجل إنجاز اتفاق هي بأمسّ الحاجة إليه، لفك عزلتها، وصيانة وضعها الاقتصادي الذي تدهور من جراء العقوبات. 

اليوم، كل الحديث عن «انتصارات إيرانية» في ضوء «الاتفاق النووي» مع «الشيطان الأكبر» ليس دقيقاً، ولا يعكس واقع الحال. إيران باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى، تحت «المجهر الدولي»، ومعنية باللعب في دائرة المعادلات الدولية والإقليمية، وليس خارجها كما اعتادت أن تفعل دائماً. 

بكلام آخر، إيران اليوم في مواجهة امتحان العودة إلى الشرعية الدولية، فإما أن تُكرم أو تُهان، كل ذلك مقرون بمدى الوفاء بالتزاماتها، كما حدد الاتفاق.

من هنا، فإن الأجدر بـ«ممانعي» الانتصارات «الوهمية» أن يتواضعوا قليلاً، وأن لا يكونوا ملكيين أكثر من الملك، أو إيرانيين أكثر من الإيرانيين أنفسهم، الذين تخلوا عن استكبارهم بقيادة المنطقة، وأنجزوا اتفاقاً يعينهم على الاستمرار بقيادة جمهوريتهم التي كانت تغرق، لو لم يأتِ «الشيطان الأكبر» لينقذها بهذا الاتفاق، الذي قدمت فيه إيران تنازلات أكثر بكثير من التنازلات التي كانت تنوي تقديمها في مراحل التفاوض السابقة، وأبرزها في العام 2003، في عهد الرئيس محمد خاتمي، وأهمها أسطورة «سلة الحوافز» التي قدمتها الولايات المتحدة لايران في عهد الرئيس أحمدي نجاد.

بهذا المعنى، فإن إنجاز الاتفاق شيء، والالتزام بتطبيقه شيء آخر، وهذا ما ستظهره الأشهر المقبلة، ربطاً بموقف الحرس الثوري والأداء الإيراني ومدى تصميمه على العودة إلى فلك الشرعية الدولية، والالتزام بقواعدها، لأن المنطق يفترض القول إنها في موقع الحفاظ على ما حققته من مكاسب، وليس التفريط بها، مع ما يعنيه ذلك من ترقب لأن تكون إيران ما بعد «الاتفاق النووي»، غير إيران ما قبله، في كل مكان، ولا سيما في العواصم التي تدعي احتلال قرارها، من بيروت إلى دمشق، مروراً ببغداد وصنعاء.

بإزاء ما تقدم، هل وصلت رسالة «الاتفاق النووي» إلى حلفاء إيران في المنطقة، وتحديداً إلى كل «طاووس» ينفش ريشه، بأن الاستكبار الإيراني جرى ترويضه دولياً، في مقدمة لترويضه محلياً هنا وهناك؟