أسبوع مر على دخول الحكومة «مرحلة الشلل المضبوط« بعد موقف وزراء تكتل «التغيير والاصلاح«، المصر على أن يقتصر جدول أعمالها على بند التعيينات الأمنية، ليسجل هذا الخميس غيابا لجلسة مجلس الوزراء عن السرايا الحكومية ما يعني أن المؤسسة الدستورية الثالثة دخلت وأدخلت البلاد معها في مرحلة «عدم اليقين»، كونها السلطة الوحيدة المتبقية التي تدل على أن لبنان لا يزال كيانا سياسيا يحافظ على الحد الادنى من مقومات الدولة بعد الفراغ الحاصل في قصر بعبدا والشلل الذي يصيب مجلس النواب. لكن حالة «عدم اليقين» هذه لا تعني عدم وجود إرادة لبقائها سواء خارجيا (من خلال مواقف السفراء والمسؤولين الاجانب) أو داخليا من الحركة التي يقودها رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وباقي الاطراف لإقناع التيار «الوطني الحر» و«حزب الله« بضرورة إنصراف الحكومة لمتابعة القضايا الحياتية التي تخص الناس والفصل راهنا بين انتخاب رئيس الجمهورية وعمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، والسعي لتمرير بعض الملفات الملحة تحت عنوان تشريع الضرورة واقرار بعض البنود التي من شأنها ان تشعر عون وفريقه بالرضى وتسقط لديهم الاحساس بالغبن والاستهداف.
إذاً، لا جلسة حكومية هذا الاسبوع، وحصيلة الاتصالات الجارية لم تحرك إلى الآن كلا من «التيار الوطني الحر« و»حزب الله« عن حده، وهذا ما يؤكده كل من عضو تكتل «التغيير والاصلاح« النائب آلان عون ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ»المستقبل».
هذا التأكيد بالتمسك بالمطالب من قبل التكتل والحزب، يقابله تأكيد من باقي مكونات الحكومة بأن مجلس الوزراء يعيش حالة الشلل طويلا، بما لذلك من تداعيات على البلاد سياسيا وإقتصاديا، إذ يؤكد وزير الاعلام رمزي جريج لـ«المستقبل»، «أن الرئيس سلام يجري إتصالاته لتذليل العقبات الموجودة، وفي حال لم ينجح في ذلك فلن يسمح بشل الحكومة، خصوصا أن النصاب القانوني والميثاقي متوفر لإنعقاد الجلسات، وبالتالي فالمصلحة الوطنية هي التي ستتغلب على المصلحة الفردية»، ويوافقه الرأي وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دي فريج الذي يقول إن «الشلل الحاصل في الحكومة يعني تسريع موت البلد وهذا أمر خطر، في حال لم تؤد الإتصالات التي يجريها الرئيس سلام إلى نتيجة، أعتقد أنه سيستعمل صلاحياته كرئيس للحكومة ونحن معه في هذه الخطوة». الى ذلك، يبدي كل من وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس وعضو كتلة «التحرير والتنمية« النائب ياسين جابر إستغرابهما من «السلوك العوني»، إذ يقول درباس إن «لبنان محاصر بالنار والازمات الاقليمية من جميع الجهات وبدل أن نحفر خنادق المياه حولنا كي لا نحترق بهذه النار نملأ هذه الخنادق بالمازوت، وهذا ما نفعله عندما نشل الحكومة فهل هذا معقول؟».
ويوافقه جابر الرأي مؤكداً أن «كل الأطراف لا تزال واقفة على سلاحها ولم تسفر الاتصالات عن اي تقدم إيجابي، إنها حفلة جنون، فمن جهة داعش على الابواب والقتلى من حولنا ونحن نتصرف وكأنه اصابنا مسّ من الجنون».
ويشدد عضو «اللقاء الديمقراطي« النائب هنري حلو على «أن تحرك رئيس اللقاء النائب وليد جنبلاط يجري على أساس أنه ممنوع أن تتعطل الحكومة وشؤون الناس، وبالتالي ستبذل كل الجهود للحيلولة دون ذلك».
ما يمكن إستنتاجه مما سبق أن الحكومة تعيش أزمة سياسية قد تكون الاشد منذ ولادتها، وأن الايام المقبلة وحدها كفيلة في إظهار نتائج الجهود المبذولة لإبقائها فعالة وقادرة على متابعة شؤون الناس، بعيدا عن التصدع السياسي نتيجة إعتكاف أحد مكوناتها، لكن إلى الآن الاتصالات لا تشي بأي إيجابية، وهذا ما يؤكد فنيش قائلا:» على حد علمي، الاتصالات الجارية لم تؤد إلى نتيجة ولا أعرف إلى أين يمكن أن تصل الامور، لكن أتمنى أن يلهم الله أصحاب العقول والارادات لحل هذه المشكلة التي لم تستطع الاتصالات الجارية إلى الآن حلها، علما أن المشكلة واضحة ومحددة وهي تلبية تطلعات وحقوق بعض الاطراف التي تشعر بالغبن لإزالة هذا الشعور، وخارج هذا الاطار أعتقد أنه من الصعب أن يساهم أي طرف في حل هذه المشكلة».
من جهته يؤكد عون»أن التيار لا يزال على موقفه حيال التعيينات الامنية وبالرغم من أن الحكومة ليست مستقيلة، إلا أنها بشكل من الأشكال هي ضحية الاشتباك السياسي الحاصل في البلاد، أن الأمور ذاهبة إلى مزيد من التأزيم،علما أن التيار لا ينظر إلى الامور من زاوية غير المهتم بصالح الناس، فهو بالتأكيد يهمه مصلحة كل اللبنانيين، لكننا اليوم نعيش في أزمة ولدينا مطالب وسنستعمل كل وسائل الضغط الممكنة على المستويين السياسي والديمقراطي للوصول إلى مطالبنا».
ويلفت جابر «إلى أن الرئيس سلام متريث في الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، بإنتظار أن تسفر المساعي الحاصلة لإبعاد كأس الازمة المر عن الحكومة «، ويسأل: «هل يجوز في حفلة الجنون الحاصلة حولنا حيث داعش على الابواب والقتلى حولنا بالعشرات، أن نتصرف وكأنه أصابنا مسّ من الجنون، للأسف الشديد هذا ما يحصل اليوم، وهذا ما يحذر منه رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ لا يجوز أن نقذف بمصالح الناس في المجهول إن لم يكن سياسيا فعلى الأقل إقتصاديا، لكن للأسف ليست هناك مؤشرات إيجابية للإتصالات الحاصلة وكل فريق يقف على سلاحه».
ويشير دي فريج الى أنه لا يملك «صورة واضحة عن نتائج الاتصالات الجارية، لكن بالتأكيد فإن الشلل الحاصل في الحكومة يسرع في موت البلد».
ويضيف:» برأيي، إن رئيس الحكومة يعطي بعض الافرقاء القليل من الوقت وإذا لم تسفر الإتصالات الجارية عن نتيجة فإنه سيستعمل صلاحياته الدستورية ونحن كوزراء لتيار المستقبل سنكون معه في هذه الخطوة«.
ويوافقه الرأي جريج الذي يقول «إن الرئيس سلام سيتريث حتى يوم خميس القادم، حيث من المرجح أن يدعو لإنعقاد جلسة لمجلس الوزراء بجدول أعمال عادي، سواء أسفرت الاتصالات الجارية عن نتائج إيجابية أم لا، خصوصا أن النصاب القانوني والميثاقي للجلسة متوفر ولا يمكن الاستمرار في تعطيل الحكومة، وأعتقد أن المصلحة الوطنية العليا ستتغلب على المصلحة الفردية».
ويشدد درباس على النتائج الاقتصادية السلبية للتعطيل الحكومي ويقول:» الدولة هي المنفق الاكبر في المجتمع وعندما يتعثر إنفاقها، فهذا يعني توقف للحركة الاقتصادية في البلد«. ويضيف: «لبنان محاصر بالنار والازمات الاقليمية والداخلية من جميع الجهات وبدل أن نحفر خنادق المياه حولنا كي لا نحترق بهذه النار،نملأ هذه الخنادق بالمازوت، وهذا ما نفعله عندما نشل الحكومة فهل هذا معقول؟».
من جهته يشير حلو» إلى أن «الاتصالات الجارية هي للحؤول دون تعطيل شؤون الناس وهذا ما يسعى إليه كل من الرئيسين بري وسلام ووليد بك، لأنه ممنوع أن تتعطل الحكومة».