في الكنيسة لا حلّ منطقياً (علمياً) لمسألة الثالوث الأقدس – فالقضية تسليم بالإيمان بوحدانية اللّه سبحانه تعالى في ثلاثة أقانيم. ويذهب التراث المسيحي الكاثوليكي الى أنّ هذه المسألة شغلت كثيراً العالم اللاهوتي الكبير القديس أغوسطينوس الأكويني الذي كان، ذات مرة، يزرع رمال الشاطىء بخطواته المهرولة ذهاباً وإياباً، وفكره منشغل بمسألة الثالوث الأقدس، الى حين برز أمامه ولد وفي يده صدفة صغيرة وأمامه سطل… سأل القديس الولد: ماذا تفعل؟ فأجابه: إنني سأفرغ البحر في هذا السطل مستخدماً هذه الصدفة، فضحك القديس، ثم سأل: وهل هذا ممكن؟!. فأجابه الصبي: إن هذا ليس ممكناً ولكن الأكثر صعوبة واستحالة هو أن تجد حلاً لمسألة الإله الواحد في ثلاثة أقاليم.
وتعتبر الكنيسة إن الولد هو ملاك أرسله اللّه ليعترض طريق ذلك الملفان، العالم، اللاهوتي الكبير ليحسم له الجدال الدائر حول الثالوث الأقدس.
والأقنوم الثالث (الروح القدس) ارتبط إسمه في الكنيسة بأنه يفيض بالنعم الإلهية على من يستحقها فيفتح الأعين والعقول على الحقيقة ويمنح القدرات الذهنية للمختارين من الأنبياء والأولياء والقديسين والأبرار، وانه ظهر على تلامذة السيد المسيح بشكل ألْسنَة من نور فوق رؤوسهم، فعلى الفور باتوا يتكلمون بجميع اللغات التي كانت متداولة في العالم في تلك المرحلة من الزمن، مرحلة مجيء السيد المسيح وحتى صعوده الى السماء بالنفس والجسد.
سقنا هذه اللمحة السريعة عن الروح القدس، تبارك اسمه الإلهي، لنسأل ما إذا كان قد حلّ على القوم عندنا وهو المعروف بأن من أبرز أدواره «الحلولية»؟!.
فجأة، ومن دون كبير مقدّمات باتت الكيميا على أعلى مراتبها بين فخامة الرئيس ودولة رئيس مجلس النواب. أوليس هذا ما حدّث به الرئيس بري نقيب ونقابة الصحافة قبل ثلاثة أيام، ملقياً باللوم على الذين يستغلّون كلمة من هنا ورأياً من هناك ليوقعوا ما بين قصر بعبدا ومقر الرئاسة الثانية في عين التينة. وبالتالي فكل ما كان (وما سيكون لاحقاً) هو من تلبيس إبليس اللبّيس بما في ذلك الموقف من ترشح عون، وممارسة معارضة هذا الترشيح، وجلسة الإنتخاب الرئاسية ذاتها المخجلة بما جرى فيها من تصرفات نبّه بري ذاته، في حينه، الى أنها غير مقبولة خصوصاً على أعين الديبلوماسيين العرب والأجانب جميعاً تقريباً.
ومن دون كبير مقدّمات سيلبي الوزير سليمان فرنجية دعوة الرئيس عون لحضور إجتماع قصر بعبدا اليوم… وقد يتدخل الروح القدس ليس فقط لوقف الحملات على عون من فرنجية (منذ أن رشحه سعد الحريري وقبل أن يتراجع عن هذا الترشح لاحقاً، وحتى اليوم) بل ربّـما لحلف إنتخابي أيضاً… من يدري؟!.
وإن اللّه بثالوثه الأقدس (في مفهومنا وعقيدتنا الإيمانية) هو على كل شيء قدير.