Site icon IMLebanon

عندما يكشف الرئيس الإيراني خطورة.. المشروع الفارسي

 

أثار كلام الرئيس الإيراني حسن روحاني، والذي رأى فيه أن «مكانة الأمة الايرانية في المنطقة اليوم أكبر من أي وقت مضى والذي تساءل فيه «اين من الممكن، في العراق وسوريا ولبنان وشمال افريقيا والخليج الفارسي، اتخاذ قرار حاسم من دون أخذ الموقف الايراني في الاعتبار؟»، موجة من الاعتراضات السياسية وردود الفعل المُستنكرة في لبنان بين المواطنين لما يترتب عن هذا الكلام، وخصوصاً من شخصية بحجم روحاني، من تهميش للدولة اللبنانية وسيادتها ونسف كل المزاعم الإيرانية التي تتحدث عن علاقات «طيّبة» و»أخوية» تجمع بين البلدين بالإضافة إلى أنها تضع لبنان في عين العاصفة خصوصاً خلال الوضع الصعب الذي تمر به المنطقة.

لا يؤسس كلام روحاني لمستقبل علاقات جيدة بين بلاده ولبنان ولا هو يُعبّر عن كل المرحلة السابقة التي استفاضت بها القيادات في ايران في «معارض» تعبيرها عن حجم «العلاقات الأخوية» التي تتميّز بها العلاقة بين ايران ولبنان. كما أنه ينسف تماماً، كل المواقف التي كانت وما زالت تصدر عن قيادات «حزب الله» التي تؤكد على الدوام بعدم وجود مطامع ايرانية في لبنان وعلى رأسها السيد حسن نصرالله الذي يُشدد في كل إطلالاته، على أن لا مصالح شخصية لايران في لبنان وبأنها لا تتدخل على الإطلاق لا في شؤون حزبه ولا في شؤون الدولة اللبنانية ومؤسساتها. وأكثر من هذا، فإن ما نطق به روحاني، إنما كشف سعي ايران الدائم للهيمنة على المنطقة، بدءاً من اليمن فالعراق وصولاً إلى سوريا. وبالأمس ظهر حجم هذا المشروع من خلال إدخال لبنان ضمنه.

ما يُشكل الخطر الأكبر في كلام روحاني، شطبه مصطلح «الخليج العربي» واستبداله بـ»الخليج الفارسي»، ما يؤكد مجدداً على أن ذهنية التوسع الايرانية ما زالت قائمة وأن كل الدعوات التي تخرج من بلاد الفرس والتي تُطالب بعلاقات طيّبة مع الجوار، ما هي إلا طريقة من طرق الالتفاف التي يهوى النظام الإيراني سلوكها سواء في مواقفه السياسية أو العسكرية، خصوصاً خلال المراحل التي تُعتبر بالنسبة اليه حرجة ويُمكن أن تُشكل خطراً عليه على غرار طريقة تعاطيه في الملف النووي الذي حمل المرشد الخامنئي نفسه في أيّار العام 2015 على القول إنه «لا يعترض من حيث المبدأ على الاتفاق»، مؤكداً «دعمه للفريق المفاوض» برئاسة وزير خارجية بلاده جواد ظريف.

التبريرات التي تخرج من البعض في لبنان لكلام روحاني والتي تدعي بأنها جاءت في معرض رده على وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون، إنما تأتي في سياق التغطية على المشروع الإيراني في المنطقة والذي أعلن بصريح العبارة ضم لبنان اليه. والسؤال هنا يمكن توجيهه إلى حلفاء ايران في لبنان: كيف يُمكن ترجمة كلام روحاني وأبعاده في السياسية، وألا يستدعي كلامه هذا الحذر من أطماع ايران في لبنان؟. الإجابة سوف تظهر جليّاً وهي أن موقف روحاني وتخطيه السيادة اللبنانية دولة وحكومة وشعباً، لن يُحرج على الإطلاق جماعة «حزب الله» ولن يتسبب في ارباكهم، بل على العكس فثمة من في هذه القيادة يعتبر، بأن الكلام في حد ذاته، هو إنتصار للمشروع الإيراني ولو ان وقوده هي دماء الشباب اللبناني الذي يسقط اليوم في سوريا.

تغريدة رئيس الحكومة سعد الحريري أمس، بأن «كلام روحاني مرفوض ومردود لاصحابه. لبنان دولة عربية مستقلة لن تقبل بأي وصاية وترفض التطاول على كرامتها»، هو تعبير واضح للدولة اللبنانية ومؤسساتها الرسمية، برفض سياسة المحاور التي تقودها ايران وتأكيد على سيادة الدولة اللبنانية. هذا على صعيد القرار السياسي في البلد، أما على الصعيد الشعبي، فثمة سؤال توجه به اللبنانيون أمس وهو أن كلام روحاني لو كان قد صدر عن شخصية عربية، هل كان سيكتفي حلفاء ايران في لبنان باتخاذ دور المتفرج، أم أنهم «سُيشعلون» وسائل الاعلام بمواقفهم الهجومية والتحريضية؟.

مشكلة إيران تكمن في أنها تعتبر نفسها الوحيدة القادرة على إدارة المنطقة من خلال ميليشياتها المزروعة فيها بدءاً من أراضيها مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، وهي بمخطّطها هذا تسعى لأن تُصبح قُطباً عالميّاً في صناعة القرار، والمؤسف أن البعض يذهب معها في مشروعها من دون أن يُدرِك حجم التكلفة التي تدفعها بلاده وحجم الارتدادات السلبيّة عليها، فإيران نجحت في هدم الدولة في اليمن والعراق وسوريا وهي تحاول اليوم تكرار تجربتها في لبنان.

في المُحصّلة، للتأكيد على الأطماع الإيرانية في المنطقة، يمكن الركون إلى اعترافات قادة ايرانيين كانوا أكدوا في أكثر من مجال، جموح دولتهم للسيطرة على العديد من الدول العربية، أبرزها لوزير الاستخبارات الإيراني السابق، حيدر مصلحي، في حوار مع وكالة أنباء «فارس» قال فيه: «إن إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية»، مطالباً بإستمرار دعم المقاتلين في سوريا والعراق ولبنان واليمن حتى لو كان ذلك على حساب قوت الشعب الإيراني» وقال: «يجب على الشعب الإيراني أن يقلل من طعام سفرته من أجل نصرة ودعم المقاتلين في سوريا والعراق ولبنان واليمن».