IMLebanon

عندما تنافس السلطة في الانتخابات!

 

في الوقت الذي نقل فيه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عن الرئيس ميشال عون قلقه البالغ حيال الأزمة الاستثنائية التي وضعت البلد على شفير الإفلاس الاقتصادي، يستمر مسلسل الفساد والنهب الممنهج للدولة من جهة، واستغلال مرشحي السلطة لنفوذهم من جهة أخرى لتوظيفه في حملاتهم الانتخابية، في مخالفة واضحة للدستور، متجاوزين مختلف السلطات الرقابية والقضائية القادرة على محاسبتهم.

فينطلق المشاركون في مؤتمر سيدر متسلحين بموازنة عجائبية ولدت، بعد مخاض دام ما يزيد عن التسعة أعوام، في أسبوعين ولكن مكشوفين على جبهة الفساد ورائحة الصفقات التي لن تعطي المؤتمر المنتظر الفرصة الكاملة للإنقاذ الاقتصادي المنشود أو لاستعادة الثقة في قدرة الدولة على النهوض خاصة في ظل غياب الرؤية الواضحة للخروج من هذا النفق المظلم!

لقد أثبت السباق الانتخابي فوائده من ناحية رفع الصوت تحت قبة البرلمان عندما كشف الوزير مروان حمادة تمادي الفريق الحاكم في استغلال السلطة ومقدرات الدولة للتسويق الشخصي وحشد الأصوات وإقامة المهرجانات الانتخابية تحت ستارة المؤتمرات الاغترابية، مهددا برفع شكوى إلى هيئة الإشراف على الانتخابات.

إنها حرب الانتخابات حيث سيظهر القانون الجديد حقيقة الأحجام، مما يزيد خوف مَن احتكر التمثيل في مختلف المناطق والطوائف من فقدانه هذا التكليف وسط تململ شعبي على كل المرجعيات دون استثناء جراء الإهمال المتمادي لمعاناة الناس وغياب الخدمات عن المناطق بعدما اختفى الممثلون المنتخبون وتبخرت الوعود معهم. لقد وضعت الطبقة السياسية قاعدتها الشعبية في جيبها الصغير بعدما انتفت المنافسة وضمنت ان لا خيارات عند الناخب ولا قدرة له على المحاسبة، إلى أن وقعت في فخ القانون الذي أقرّته بنفسها، وانهالت الخيارات وسط إقبال مُلفت على الترشح من مختلف الأهواء والانتماءات في موقف واحد يرفض استغلال الولاء للطائفة ونصرة الزعيم، ظالماً كان أو مظلوماً، لتقديم مصلحة الأخير على مصلحة الجماعة لا بل وتقديم حقوقها قرباناً للمصالح الخاصة.

إنها انتخابات تهدف إلى الديمقراطية بالشكل ولكن يراد بها تكريس الزعامات وضمان انتقال ملكية المراكز الى الجيل الثاني بما يشبه الإقطاع السياسي المتخلف، والذي يثبت يوماً بعد يوم، ضمور الرؤية السياسية والقدرة على استيعاب الرأي الآخر، كما كانت تتقن الهامات السياسة في الماضي.

إلى أن نبلغ اليوم الذي تعود فيه مصلحة الوطن وليست المصلحة الشخصية هي المظلة الجامعة مهما اختلفت المذاهب والأطياف، وتستعيد الانتخابات جوهر الديمقراطية من دون أن تكتفي بالشكل السطحي ويصبح التنوّع غنى لا خيانة، على اللبنانيين أن يخطوا الخطوة الأولى للخروج من محادل سياسة اللون الواحد إلى ثقافة التنوع والتعددية، حيث تتقاطع الدروب لتصبّ في مصلحة لبنان وتحقيق الحد الأدنى من حاجات اللبنانيين الملحة وليس الاكتفاء بالمتاجرة بها كما درجت العادة!