Site icon IMLebanon

عندما ننتظر الخلاص من الخارج!

سُرعان ما دخلت اليمن دوَّامة العنف القائمة في المنطقة كحلقة جديدة من الصراع الدائر في سوريا والعراق، حتى ظهرت الإنعكاسات السلبية على الداخل اللبناني وانخرط الأفرقاء في المواجهة السياسية والتعبئة الشعبية بين مؤيِّد للنظام في اليمن ومؤيِّد للميليشيات الحوثية، وكأن الصف اللبناني بحاجة للمزيد من الإنقسامات والمواضيع الخلافية للتركيز عليها، بدلاً من أن يكون البحث جارٍ في مكان آخر على التهدئة واستيعاب الإستحقاقات المحيطة بالوطن الصغير حتى تمرّ بأقل ضرر ممكن.

إن ما يجري في المنطقة ممكن أن يكون درساً نافعاً في عبثية الحرب الأهلية، ولو أن اللبنانيين كانوا روّاداً في هذا المجال، ولكن لمن يُريد أن يتعلّم من الدماء التي تلطّخ تاريخ المنطقة.. إلّا أن الحال ليس كذلك اليوم، على العكس، التباري جارٍ حول مَنْ يطغى ولاءه للمعسكرات الخارجية أكثر، ومَنْ يحمل رايات القضايا الإقليمية، رامياً راية وطن عانى ما عاناه خلفه، وشعب لا زال يدفع فواتير حروب الغير وصفقاتهم على أرضه.. وكأن مسؤولية تحرير شعوب المنطقة بأكملها مسؤولية اللبنانيين.. إلّا تحرير أنفسهم من هذه الدوّامة، في وقت يستمر الفراغ سيّد الكرسي في بعبدا، ومجلس النواب الممدِّد لنفسه في عجز مستمر عن البتّ في الملفات الرئيسية، ويصارع مجلس الوزراء لإبقاء الحدّ الأدنى من التضامن الوزاري في ظل الإنقسامات الحالية والإنتاجية، بما أنه الصورة الرسمية شبه الوحيدة الباقية للوطن.. خاصة بعدما ترشّح الظروف إستمرار هذا الواقع.. وبالرغم من أن المفاوضات النووية الأميركية – الإيرانية البارحة تبشّر بإيجابية.

إلّا أن القضايا الإقليمية العالقة باتت متشعبة، وتنظيف المنطقة من الحركات المتطرّفة والتوصّل لاتفاقات دولية حول مستقبل هذه الدول من جهة والقدرة على تطبيقه من جهة أخرى لن يكون كبسة زرّ سهلة المنال! فهل لبنان قادر على إقحام نفسه في ساحة معركة جديدة، وهو لا يزال يسدّد فواتير تدخلاته السابقة وفشله في تحييد نفسه عن النيران المحيطة؟ ومَنْ يُحاول إيهام اللبنانيين عكس هذا الإرتهان إلى الخارج فليفسّر لهم الأسباب والعوائق الحقيقية خلف التعطيل المتعمَّد لجلسات مجلس النواب والعجز الكلّي عن استيلاد المخرج الملائم لرئاسة الجمهورية، بعدما أثبتت التجارب السابقة أنه مع أول كلمة سرّ خارجية، تُحلّ جميع العُقد وتُنصب طاولات الحوار وتُمدّ جسور التواصل بين شركاء الوطن!

فهل ستكون اليمن عنواناً جديداً للإنقسام اللبناني أم نجاح المفاوضات النووية نافذة خلاص للبنان والمنطقة؟ وأين الطبقة السياسية من كل هذه الإستحقاقات؟

فلنجلس جميعاً.. ونتفرّج.. وننتظر!!