لماذا الاصرار على تشكيل حكومة تنظف الساحة السياسية من المعارضة فيما تتطلب الاصول والانظمة اكثرية واقلية اي موالاة ومعارضة، لاسيما اننا نعيش في ظل نظام برلماني – ديموقراطي معترف به صراحة الا في حال كانت رغبة بقطع الطريق على اي عمل القصد منه مراقبة الحكومة ومحاسبتها عندما تدعو الحاجة، وما اكثرها في ظل الظروف التي نعيشها حيث لا شيء يوحي باننا في وضع سياسي واداري وقتصادي وامني سليم، فضلا عن الفساد الضارب اطنابه في طول الدوائر الرسمية وعرضها، ما يحتم وجود محاسبة كي لا يستمر الفلتان والتسيب؟!
من هنا يصح القول ان الرئيس المكلف سعد الحريري مطالب بالعمل بما هو معمول به ان لجهة تشكيل حكومة توحي بالثقة، او تشكيل حكومة تكون مؤهلة لان تؤدي الحساب عندما تدعو الحاجة. والخطأ يكمن في تشكيل حكومة من مختلف الالوان تكون مؤهلة لابشع عمليات التجاذب والتناطح من مثل ما هي عليه حكومة تصريف الاعمال التي تعاني من متاعب سياسية مرفوضة طالما انها لم تقدم ما يفترض بها ان تقدمه من حلول للقضايا السياسية والادارية العالقة منذ وقت طويل؟!
اما لماذا حكومة الوحدة الوطنية، الا في حال لم تكن رغبة في محاسبتها او مراقبتها وكي لا يقال مثلا انها قادرة على فعل السبعة وذمتها، والمقصود هنا اعداد مشروع قانون مقبول للانتخابات النيابية يكون بمستوى وحجم تطلعات اللبنانيين ويتجاوز تمنيات وامال من يبحث عن مؤهلات النسبية المسيطرة بفعل وجود اكثرية غير مؤهلة لان تسيطر على البلد كنتيجة حتمية للفارق العددي، في تعداد اللبنانيين الموزعين طوائف وجماعات الى حد القول ولماذا يمنع اعتماد الصوت الواحد لكل ناخب، الا لان ثمة نية لان تكون هناك هيمنة من هذه الطائفة على ما عداها (…)
وفي عودة الى النصيحة بجمل، فان الذين معها يرون ان من الواجب والضروري والملح الاتفاق على قانون للانتخابات يسمح باجرائها بمعزل عن اعتماد الطائفية كي لا يتكرر المطب الذي تعاني منه البلاد من غير حاجة الى اختراع المزيد من المطبات عبر اقتراح النسبية والتي ان كانت تفيد فهي موضوعة على اساس التوازن غير الموجود في لبنان، فيما لم يطالب احد بالتوازن والنسبية في اية دولة من الدول العربية نظرا للغالبية المسلمة التي لا تفرق بين نائب او اخر.
ان مجالات العمل بالنسبية المختلطة افضل بكثير من النسبية المطلقة لانها تحرر الناخب من ضرورات فرض الرأي على اساس العدد فيما تجزم اوساط مطلعة ان قلة العدد لدى المسيحيين بالمقارنة مع المسلمين تجعل نتيجة الانتخاب على الطريقة النسبية بمستوى الخطأ الفادح والفاضح، قياسا على ما هو معمول به في مناطق الخليط الديني مثل مناطق بعبدا وجبيل وطرابلس حيث يلعب الفارق الديني دور الفصل في النتائج حيث يأتي المرشحون المسيحيون على هامش الفرق في الصوت غير المسيحي وهذا الامر غير حاصل في اية منطقة لبنانية اخرى ومن غير حاجة الى ان يكون الصوت المسيحي فيها غالبا على الصوت الاسلامي (…)
من هنا يفهم قرار اجراء الانتخابات على اساس النسبية – المختلطة كي لا تكون سيطرة فريق على حساب فريق اخر، خصوصا ان مجالات العمل بالنسبية لا تجوز مهما اختلفت الاعتبارات الاخرى حيث هناك تمييز بين السنة والشيعة، من غير حاجة الى ادعاء العكس لانه لن يحصل بفعل الانتقال بالصوت الاكثري الذي من الواجب الاعتماد عليه قبل اي مشروع اخر كي لا تستبدل السيطرة العددية على غيرها في حال تغير قانون الانتخاب بالاتجاه الذي لا يخدم المصلحة العامة في شيء.
هذا الرأي من ضمن النصيحة الداعية الى اعتماد الجمل وليس نصفه، وكي لا يقال ان الجمل بدينار وما في دينار، الا في جيوب بعض الزعماء ممن اكلوا اخضر لبنان ويابسه منذ سنين طويلة، وهم لا يزالون يصرون على اكله من خلال قانون النسبية الوارد في اذهان بعض الاوساط ممن تهمهم مصلحتهم الشخصية على كل ما عداها حتى وان كان المقصود المصلحة العامة التي ليست في حساب قادة الطوائف ممن يتصرفون باصوات طوائفهم مزاجيا؟!
ومن الان الى حين تشكيل حكومة متوازنة لا بد من الاخذ بوجهة النظر القائلة بضرورة العمل بنصيحة الجمل، طالما ان الجمل متوفر وعكسه غير موجود ان كان بالنسبية او الاكثرية لا فرق عند من يعرف طريقة الوصول الى العقول المريضة للناخب اللبناني الذي تسيطر عليه ذهنية الطائفة وليست ذهنية الدولة الطائفة بين من يعرف ما هو مطلوب لانقاذها وبين من يصر على بيع الجمل وما عليه من حمولات مذهبية؟!