Site icon IMLebanon

عندما «تتباكى» إيران على استهداف «الحرم النبوي»

أمس الأول كانت مملكة الخير، المملكة العربية السعودية خط الدفاع الأوّل عن الإسلام والعروبة، على موعد مع تفجير إرهابي انتحاري كاد أن يستهدف الحرم النبوي في المدينة المنورة، لكن صعوبة واستحالة دخول الانتحاري باحة الحرم جرّاء الطوق الأمني الشديد الذي كانت فرضته العناصر الأمنية، دعته إلى أن يفحر نفسه في الخارج ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء معظمهم من رجال الأمن.

بعد استهداف السعودية معنويّاً وسياسيّاً واتهامها طيلة الفترة الماضية وحتّى أمس الأوّل من قبل جهات معروفة الولاء والنهج، بأنها داعمة للجماعات «التكفيرية» و»الإرهابية» في سوريا والمنطقة، جاء الرد المادي والمباشر هذه المرة، ليكشف عن حقيقة وخلفيّة هذه الاتهامات والتي وضعها الرئيس سعد الحريري بأنها تندرج ضمن «إطار حرب مفتوحة ضد ديننا الحنيف وعلى أرض حرميه الشريفين«.

كل هذا التحريض المستمر على السعودية، إنما يستهدف دورها الطبيعي ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي في مواجهة الإرهاب أينما وجد، ومن هذا الدور جاءت «عاصفة الحزم» التي توحد خلفها العرب ضد كل من تسوّل له نفسه الاعتداء على أي بلد عربي، في وقت تنعم بلاد المُعتدي بالأمن والاستقرار بعيداً عن متناول الإرهابيين وتفجيراتهم. لكن لا بد من التأكيد أن الاتهامات التي تُساق بحق السعودية إن من خلال البيانات الحزبية الأسبوعية، أو عبر المواقف التحريضية الشخصية المُستمرة، لا بد أنها أوجدت «بيئة حاضنة» لهذا الإرهاب وأعطتها الدفع المعنوي لتنفيذ مخططاتها على أرض السعودية. وكان الأجدى بهذه الفئة أن تكف عن التحريض والاتهام والتخوين، بدل إصدار بيانات الاستنكار التي لا تُقدّم ولا تؤخّر في واقع الأمور الملموسة.

وانطلاقاً من حملات التخوين ضد المملكة، أكد الرئيس سعد الحريري في تغريدة له عبر موقع «تويتر» أمس الأوّل أن «الذين أمضوا رمضان يكذبون على الناس زاعمين أن السعودية تمول وتدعم داعش، مدعوون لصحوة ضمير بعد هجمات داعش الانتحارية الإرهابية على المملكة«. وهذا الكلام ينطبق تماماً على «حزب الله» ومن خلفه إيران اللذين لا يفوّتان فرصة إلا ويستهدفان السعودية، السعودية الدولة التي لها في كل بقعة جغرافية لبنانية وداخل كل بيت لبناني، بصمات خير وعطاء، السعودية البلد التي أخرجت لبنان من حالة الحرب إلى السلم من خلال اتفاق «الطائف». كما أن الموقف السعودي كان واضحاً في ما خص لبنان والعراق واليمن، وهو أن تقوم جميع الميليشيات بتسليم سلاحها إلى حكومات هذه الدول، لأن من غير الجائز التضحيّة بكل هذه الدول لحساب الميليشيات والسلاح غير الشرعي إرضاءً لإيران.

هجمات «حزب الله» الدائمة على المملكة، تأتي في سياق تنفيذ السياسة الإيرانية، وهناك جزء لا يُستهان به داخل الطائفة الشيعية في لبنان، يأسف لكون الحزب يتعامل معهم تماماً كما تتعامل إيران معه بحيث يقوم بتجييش جمهوره في لبنان تحت مُسمّى أو حجج الاضطهاد والاستضعاف وهدر حقوقهم لشدّ العصب ضد الدول العربية وتحديداً السعودية. ويأسف هذا الجزء لأن البعض يقتنع بهذه النظريّة ويتعاطى معها على أنها كلام «مُقدّس»، ولذلك نرى هؤلاء يُقتلون تحت هذه النظريّة في العراق وفي سوريا. أمّا النُخبة المثقفة داخل الطائفة الشيعية في لبنان، فهي تعتبر أن «عاصفة الحزم«، قد شكّلت يوم انطلاقتها، مفاجأة للإيراني الذي كان يُفاوِض يومها في لوزان حول ملفه النووي، خصوصاً أن إيران لم تكن يومها مُستعدّة للدخول في صراعات سياسيّة أو عسكريّة في المنطقة، ولذلك فوّضت حزب الله إطلاق نيرانه على الدور السعودي والعربي والإسلامي.

تنظيم «داعش» أو غيره من المنظمات الإرهابية التي تستهدف دول محددة من ضمنها السعودية بالتفجيرات والهجمات الانتحارية وآخرها استهداف الحرم النبوي، يقول عنها الباحث والمفكر الإسلامي الدكتور رضوان السيد «الحلقة الجديدة تمثلت أمس الأول في محاولة الدخول إلى الحرم النبوي، يعني للمرة الأولى هناك محاولة تفجير في أحد الحرمين الشريفين، وهذا أمر لم استطع حتّى الآن أن أُكيّفه رغم اقتناعنا الكامل بأن هؤلاء ضُلاّل ومجرمون وأشرار وذو أفكار مُنحرفة، ولكن هذا الاستهداف يثير القلق والتساؤل. لا أفهم على الإطلاق كيف أن لجهة تحمل راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله»، وفي الوقت نفسه تُهاجم النبي في قبره؟«. 

وبعيداً عن «داعش» العسكري والتفجيري والإرهابي، هناك أيضاً «داعش» سياسي وفكري يُمارس «دعشنته» هذه على منابر التحريض من خلال تخوينه للسعودية ووصفها بأنها «منبع الإرهاب». في هذا الشق يوضح السيد أن «السعودية مُتهمة من طرفين، الجهة الأولى من تنظيم «القاعدة» و»داعش» وأمثالهما واتهامها بالخروج عن الإسلام، وهؤلاء قاموا بعمليات إجرامية ضدها. أمّا الجهة الثانية فهي إيران و»حزب الله» اللذان كانت اتهاماتهما للسعودية تصعد وتنزل في السنوات الأخيرة حسب تطوّر العلاقات، لكن منذ الهجوم على القنصلية السعودية في إيران بسبب الحكم على الشيخ نمر النمر، العلاقات في ذروة توترها واستنزافاتها بحيث لا توفّر إيران ولا «حزب الله» فرصة إلا ويتهجمان بها على السعودية. ولا بد من التذكير هنا، أن أقدم عمل إرهابي طال السعودية هو الهجوم على منطقة «الخُبر» في العام 1996، وبحسب التحقيقات تبيّن أن من قام بهذا العمل، هم عملاء للمخابرات الإيرانية، لكن ذلك لا يدفعني إلى اتهام إيران بشكل مُباشر، بوقوفها وراء تفجير الحرم النبوي الشريف».

«إن لم تبكوا فتباكوا«. هو المصطلح الذي تستخدمه إيران في المنطقة كعنوان أساسي لحربها الإعلامية والسياسية والعسكرية ضد السعودية لمجرّد أن الأخيرة قرّرت وضع حد للتمدد والتدخل الإيراني في اليمن من خلال جماعات يعتمد عليها في الداخل لقلب نظام الحكم فيه وتحويله كما لبنان وسوريا والعراق إلى منصّة أو قاعدة عسكرية تنطلق منها الهجمات ضد خصومها على أن يكون «حزب الله» في واجهة هذه الأحداث. والفعل الإجرامي الذي ارتكبه تنظيم «داعش» في الحرم النبوي، إنما يندرج ضمن سياسة الهجوم نفسها على السعودية وإن كانت بأيدٍ موصوفة بالإجرام. ومن هذا التباكي، تأتي إدانة إيران للهجمات الانتحارية التي استهدفت ثلاثة مساجد في ثلاث مدن سعودية بينها الحرم النبوي الشريف.