نعم، كل اللبنانيين سوف يبقون يقولون متى سيعود الرئيس سعد الحريري؟ وذلك لأنّ كل اللبنانيين يريدون أن يعود الرئيس سعد الحريري اليوم قبل الغد، وهذا هو شعور ومطلب الجميع الذين يحبّون الرئيس الحريري وهم يريدون أن يعود والذين لا يحبون الرئيس الحريري يريدونه أيضاً أن يعود.
لا شك في أنّ المقابلة التلفزيونية التي أجرتها الزميلة بولا يعقوبيان عبر تلفزيون “المستقبل” من منزل الرئيس الحريري في الرياض سوف تكون محور نقاش بين كل اللبنانيين، وسوف تكون على الشكل التالي:
أولاً: يبدو أنّ رئيس الجمهورية يريد عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان ومن دون أي نقاش، وهو غير مستعد لأن يتراجع عن هذا القرار، ونستطيع أن نقول إنّ موقفه محسوم.
ثانياً: دولة رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري يتناسق موقفه مع موقف رئيس الجمهورية، وقد ترجم ذلك بالإمتناع عن مشاركة تلفزيون N.B.N في نقل المقابلة، وهذا الموقف ينسجم بشكل كامل مع موقفه.
ثالثاً: كتلة “المستقبل” أصدرت بياناً البارحة، وكان لافتاً بهدوئه واتزانه وموضوعيته، وهذا ينسجم أيضاً مع مواقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومع مواقف الرئيس سعد الحريري.
رابعاً: موقف المفتي الشيخ عبداللطيف دريان كان موقف رجل مسـؤول، سعى بكل رويّة أن يهدئ الأمور، ويعالج ذيول غياب الرئيس الحريري بكل هدوء وكل محبّة وكل تعقّل، وهذا ليس غريباً عن هذه الدار التي هي دار كل المسلمين، الدار التي تجمع وتعالج الأمور خصوصاً في الأيام الصعبة.
خامساً: موقف غبطة البطريرك الراعي، رجل المحبة والعقل، الرجل الذي يجسّد القاسم المشترك بين كل اللبنانيين، والذي آلى على نفسه تقريب وجهات النظر بين كل الأطراف.
سادساً: وزير خارجية لبنان الوزير الصهر جبران باسيل رجل النشاط الدائم بدأ الاستعدادات للقيام بزيارات الى أوروبا وإلى أميركا من أجل المساعدة في حل المشكلة بتكليف من الرئيس عون.
سابعاً: أهم نقطة ركز عليها دولة الرئيس الحريري هي موضوع النأي بالنفس، خصوصاً شعوره بأنّه مطعون في صميم قلبه، من هذا الموضوع، بالرغم من الاتفاقات قبل تشكيل الحكومة وبعدها، لأنّ هذا الموضوع أساسي في سياسته لاسيما أنه يعرّض لبنان للخطر.
ولكن الأهم في كل هذه المقابلة هو حديثه عن محبته للمملكة العربية السعودية، وتحدّث عن التقديمات التي تقدمها المملكة للبنان منذ سنوات طويلة، ابتداء من “مؤتمر الرياض” عام 1975، الى “مؤتمر الطائف”، الى 2006 وتعويضها الخسائر الكبيرة التي تكبدها لبنان بسبب الحرب التي قامت بها إسرائيل.
أمّا بالنسبة لتورّط “حزب الله” في سوريا وفي البحرين وفي الكويت وفي اليمن فهذا يسبّب إحراجاً للبنان، والأسوأ أنّ الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على الرياض زودتهم به إيران، والذين أطلقوه مع الحوثيين هم عناصر من “حزب الله” يشاركون الحوثيين في الحرب على المملكة العربية السعودية.
فعلاً، وكما قال الرئيس الحريري، إنّ هناك موقفاً للمملكة قبل الصاروخ، وموقفاً آخر بعد الصاروخ، وهذا طبيعي، فكيف يمكن للسعوديين أن يتصرّفوا مع اللبنانيين بعدما شارك “حزب الله” في الحرب ضد المملكة.
الصدمة التي يريدها الرئيس الحريري هي موقف صادر عن قناعة ومن القلب، والسؤال هنا هل يعيد جماعة “حزب الله” النظر في مصلحة اللبنانيين في المملكة؟ وللتذكير فإنّ مصلحة لبنان هي أنّ هناك 500 ألف لبناني يعيشون ويعملون في أرجاء المملكة ويحوّلون 4 مليارات دولار سنوياً، وقد شاركوا في بناء المملكة، وجميع أهل المملكة يحبّون اللبنانيين، فهل يفهم “حزب الله” أنّ مصلحة لبنان تكمن في عودته وتركه اليمن.
عوني الكعكي