في قراءة تاريخية للحرب الاهلية التي عصفت بلبنان خلال ربع قرن، يعترف بعض قادة الحركة الوطنية، ان الشعار الذي رفعته في حينه حول عزل حزب الكتائب كان فادحا وبأن القصف العشوائي على مدنيي المناطق الشرقية كان خطأ آخر.
والاعتراف المذكور هو جزء من المشكلة او جانب واحد. اما الجانب الاخر فعلى حزب الكتائب وحلفائه تحمل المسؤولية ايضا. اعتذار جعجع لقد امتلك رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، الشجاعة لكي يعتذر من اللبنانيين على كل ممارسات حزبه خلال فترة الحرب الاهلية وشكل الاعتذار المذكور نوعا من النقد الذاتي والذي على اساسه تغيرت القوات وتغير جعجع كما يعترف رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط وسواء أكان المرء مؤيدا للقوات او ضدها فعليه الا قرار بحقيقة اساسية هي انها قطعت اي اتصال مع اسرائيل خلافا لما كانت في عهد الرئيس الراحل بشير الجميل كما انها تخلت عن فكرة الكانتون الطائفي الذي حكم ممارسات هذا الحزب طوال اكثر من ربع قرن. ما بعد الطائف دخل لبنان ما بعد توقيع اتفاق الطائف مرحلة جديدة وشكلت جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري رافدا اساسيا في تفجير انتفاضة 14 اذار التي انهت فترة الوصاية السورية كما انها وحدت قوى شعبية وحزبية في اطار رفع شعار الدولة لا الدويلة وشعارات اخرى كالسيادة والاستقلال الخ… 14 اذار ورغم ان قوى 14 اذار مرت بحالات وهي اذا صح التعبير فانها نجحت في فرض ميزان قوى جديد، يحاول التصدي لمنطق اخر ومختلف تماما عنها. وللاسف فالخلاف بين 14 اذار والمنطق الاخر اي 8 اذار انتقل الى الشارع الذي شهد اسوأ عملية اصطفاف بات يهدد استقرار البلاد. وبمواجهة ذلك، بدأت قنوات حوار بين القوى المتخاصمة خاصة بين حزب الله وتيار المستقبل. صحيح ان هذا الحوار لم يؤدِ اي نتيجة لكنه في المقابل خفف من الاصطفاف المذهبي واحتوى اخطاره الجسيمة لذلك اصر قادة المستقبل وحزب الله على مواصلة الحوار، فالحوار وحده يعزز الديموقراطية في مكان ما. الكتائب وامل في هذا الوقت كان الرئيس امين الجميل يلعب دورا هاما في فتح قنوات حوار مع أمل وكان الاستقبال الحار الذي لقيه خلال زيارته الجنوب خير دليل على الرضا الشعبي والسياسي من النهج الكتائبي الجديد. بعد ذلك حصلت تطورات على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية وايد جعجع ترشيح رئيس كتلة التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ثم باشر الطرفان اي القوات والتيار الوطني الحر في اعداد ورقة تفاهم سياسية في الوقت الذي لقي فيه ترشيح زعيم المردة النائب سليمان فرنجية تأييدا من الرئيس سعد الحريري. القوات وحزب الله هذا التلاقي مريح ويطرح اسئلة او فرضيات حوار محتمل بين حزب الله والقوات اللبنانية. صحيح ان الخلافات كبيرة وكبيرة جدا خاصة لجهة الاستراتيجية الدفاعية وكيفية حماية لبنان من اي عدوان اسرائيلي بيد ان حوار هذين الحزبين لا يضر بل من الممكن الاتفاق على بنود مشتركة تتعلق بالاصلاح السياسي والاقتصادي وقد يكون هذا الحوار المفترض بداية لبناء ثقة اذا صدقت النوايا.