IMLebanon

متى سنكون صادقين مع شعوبنا؟

 

جميع الأديان السماوية تنهى عن الكذب، الولايات المتحدة الاميركية ذاتها أسقطت رئيسها نيكسون لأنه كذب نافياً تجسّسه على الحزب الديموقراطي، السبب يبدو تافهاً ولكن الأهم هو الصدق… فقد ثبت أنه تجسّس فعلاً.

 

في العالم العربي يوم يصبح الحكام صادقين مع شعوبهم عندئذٍ نستطيع أن نحارب إسرائيل ومن وراءها، لكن طالما نحن كاذبون فلن نستطيع أن نفعل شيئاً، الا أن نقتل شعوبنا بدلاً من أن نواجه عدوّنا ونقتله.

 

وهذا ينطبق على كلام لمسؤولة كبيرة ومقرّبة جداً من بشار الأسد التي قالت أمس إنّ القوات الاميركية هربت من جنود جيشنا البطل الذي كان مصدر قلق دائم لترامب، وسوريا التي انتصرت على أميركا وأخافت إسرائيل لا يشرفها الجلوس مع المهزومين في قمة بيروت.

 

لن نتوقف عند ما قالته بثينة شعبان من أنّ الولايات المتحدة الاميركية هُزمت في سوريا، هذا الكلام كان يمكن أن يكون جميلاً لو كان صحيحاً.

 

ونسألها: أين ومتى هُزمت أميركا في سوريا؟

 

وأيضاً: أميركا احتلت منطقة في الشمال السوري من دون أي مقاومة، ولا حتى طلقة رصاص واحدة أطلقت ضد جنودها، فكيف تكون قد انهزمت؟

 

والسؤال الثالث: تتحدّث بثينة شعبان عن انتصارات الجيش السوري، فهل يوجد اليوم في سوريا جيش اسمه «الجيش السوري»؟ أو أنّ الجيش الحالي هو الجيش العلوي، أو جيش ولاية الفقيه، أو جيش «حزب الله»، أو جيش الحرس الثوري، أو جيش الميليشيات الشيعية، وهذه الجيوش كلها كانت في حاجة الى أسبوع واحد لتسقط في مزبلة التاريخ لولا تدخل الجيش الروسي بالاتفاق مع أميركا لإنقاذ بشار الأسد.

 

هذه الجيوش كلها كان بينها وبين الهزيمة الكبرى أسبوع واحد.

 

وتأتي بثينة شعبان لتتحدث عن الانتصارات.

 

الى ذلك، بعد 19 سنة من تسلم بشار الحكم في 10 حزيران 2000 بعد وفاة والده المغفور له حافظ الأسد، ولغاية اليوم لم يرث هذا الرئيس من والده إلاّ الكرسي، وبدون أي ذكاء أو أي حكمة، أو أي حسن تدبير، أو أي معرفة في شؤون القيادة والدولة وتدبير الأمور.

 

من إنجازاته أنه في عهده صارت سوريا الواحدة الموحّدة سبع سوريات:

 

سوريا أميركا،

 

سوريا روسيا،

 

سوريا تركيا،

 

سوريا إيران،

 

سوريا الميليشيات و»الحشد الشعبي»،

 

سوريا «حزب الله»،

وسوريا قاسم سليماني.

 

19 سنة ولم يتعلم بشار الأسد درساً واحداً من كل ما جرى في سوريا.

 

وكي لا نظلمه، تكفي العودة الى ما كانت عليه سوريا في العام 2000 وما هي عليه اليوم.

 

أولاً- لم يكن على سوريا دولار واحد ديناً، مع اقتصاد نشيط، وإنتاج زراعي جيّد ووفير، وكانت تصدّر النفط.

 

أما اليوم فنصف سوريا مدمّر: لا جامعات لا مستشفيات لا مستوصفات، قرىً أبيدت عن بكرة أبيها.

 

ثانياً- لقد شكل النازحون السوريون أزمة ضمير للعالم كله، ولكنهم لم يهزوا رمشاً في عين النظام، والكلام حول عودتهم أو بقائهم في مكان نزوحهم يجب أن ينطلق من أنّ نصف سوريا لا يزال تحت الخطر والاضطراب والحرب.

 

فهؤلاء النازحون من أين جاءوا؟

 

البعض يقول من المناطق الحدودية… ولكن هذه المناطق دمّرت كلياً.

 

فكيف سيعود هؤلاء حيث لا منازل ولا أمان؟ وفي تقديرنا انه قبل التوصّل الى اتفاق سياسي مضمون من المراجع الأممية والإقليمية يشكل لهم غطاء حماية فإنّ عودتهم ستظل محفوفة بالمخاطر.

 

أضف أنّ العالم كله مهتم بقضية النازحين السوريين إلاّ النظام السوري الذي يتعامل مع قضيتهم وكأنهم شعب بلد آخر!

 

ثالثاً- كانت سوريا مثالاً لاستقرار الدول في الشرق الأوسط، اليوم من يريد أن يزور سوريا يجب أن يأخذ اذناً من الشرطة العسكرية الروسية.

 

رابعاً- مليون قتيل بريء من المدنيين، و500 ألف مواطن مصيرهم مجهول، و11 مليون مهجّر.

 

وتقول بثينة شعبان إنّ الجيش السوري أرعب أميركا وانتصر عليها، وأنّ إسرائيل تخاف من الجيش السوري.

 

أخيراً، من العام 2000 الى يومنا هذا هل يعلم أحد عدد الاعتداءات التي نفذتها إسرائيل على سوريا؟ طبعاً بالآلاف.

 

كيف ردّت سوريا على هذه الاعتداءات؟

 

بصراحة: إثر كل اعتداء على سوريا نستمع الى المعزوفة ذاتها: لن نسمح للعدو أن يستدرجنا الى مخططاته… فنحن نحدّد زمان ومكان الرد! وهذان الزمان والمكان لم يُحدّدا بعد، وقد لا يُحددان أبداً!