لا يزال يُرجّح، رغم قضية البريد الإلكترونيّ، أن تكون هيلاري كلينتون، المرشحة الرئاسية الأميركية، قد حسمت المعركة الإنتخابية لمصلحتها، بعدما زجّت بالحركات النسوية والناشطات الحقوقية النسائية طرفاً فيها، مقدّمةً نفسها على انها “المرشحة المدافعة عن حقوق المرأة الأميركية وكرامتها”، في مقابل المرشح دونالد ترامب “الثري المنغمس في الملذات الجنسية، والمتَّهم بفضائح بينها التحرّش، وصاحب النظرة الدونية الى المرأة كسلعة تُباع وتُشرى”، كما صوّرته حملتها. وعلى رغم نفي ترامب لكلّ الاتهامات، ووصفها بـ “المؤامرة الانتخابية”، حسمت النساء الأميركيات أمرهنّ ووقفن في صفّ هيلاري. وهو ما أثبتته استطلاعات الرأي التي أجريت قبل أسبوعين من موعد الانتخابات، والتي أظهرت تفوّق هيلاري على ترامب بفارق عام بلغ ١٢ نقطة. وتفوّقت كلينتون بنسبة ٥٥ في المئة لدى جمهور النساء، في مقابل ٣٥ في المئة لترامب، وضاعفت تفوّقها الى ٣٢ نقطة بين النساء البيضاوات خرّيجات الجامعات. وهذه المرة الثانية التي تجيّش فيها هيلاري الرأي العام النسائي في الانتخابات الرئاسية لمصلحة آل كلينتون. المرة الأولى كانت في الانتخابات الرئاسية التي أوصلت زوجها بيل كلينتون الى الحكم، حين جنّدت النساء للتصويت له، واعدةً بأن يُنصف عهده المرأة الأميركية سياسياً وقانونياً واجتماعياً.
السؤال الخلاصة هنا: متى يكون للنساء في بلادي وزن في الانتخابات، الرئاسية أو النيابية أو حتى البلدية؟ متى يُحسب لهنّ حساب، أيّ حساب؟ متى تُراعى كراماتهنّ وأحلامهنّ ومخاوفهنّ وحيواتهنّ المهدّدة نتيجة العنف الأسري والإجتماعي، في البرامج السياسية المطروحة؟
ستصبح هيلاري المرأة الأولى التي تدخل المكتب البيضاوي كرئيسة للولايات المتحدة الأميركية، وليس كسيدة أولى وزوجة لرئيس أميركا كما دخلته خلال ولايتي رئاسة زوجها. لكنها ليست الأميركية الأولى التي تخوض نضالاً من أجل حق الأميركيات في الوصول الى سدّة الحكم، فقد سبقتها ١١ امرأة ترشحن ولم يوفّقن، لكنهنّ مهّدن الطريق أمام تحقيق حلم هيلاري بالرئاسة. وعلى رغم ان المحللين يتوقّعون ألا يُغيّر وصول كلينتون في السياسة الأميركية العامة، خصوصاً انها تمثّل “الإستبلشمنت” التقليدية، وقريبة جداً من وول ستريت، المؤثّرة في صناعة القرار، وقد شاركت في الحكم في عهد باراك أوباما كوزيرة للخارجية، بمعنى انها استمرار للسياسة القائمة، ولن تأتي بجديد كما يتمنى البعض، ولن تضفي لمسة أنثوية الى المنصب، إلا أن التاريخ سيُسجّل أنها المرأة الأولى التي تحكم أقوى دولة في العالم، وهذا بحدّ ذاته إنجاز وسابقة يُحتذى بها ستمهّد لمزيد من المشاركات النسائية في الحكم حول العالم، وليس فقط في الولايات المتحدة الأميركية.
عن إصرار هيلاري على بلوغ القمّة، تروي الصحافة الغربية، انها كانت في نزهة جبلية مع زوجها بيل عندما كان رئيساً في سيارتهما، عندما توقّفا عند محطة للتزوّد بالوقود. فتقدّم صاحب المحطة من هيلاري وأدّى لها التحيّة، فنزلت من السيارة وصافحته بحرارة وتحدّثت إليه بعض الوقت. ولمّا عادت، سألها بيل عن هوية الرجل، فقالت له انه كان صديقاً حميماً في سنّ المراهقة. فعلّق الزوج متهكّماً: “لو تزوّجت هذا الشاب آنذاك، لكنتِ اليوم زوجة صاحب محطّة وقود!”. فأجابت هيلاري بكلّ ثقة: “كلا، لو تزوّجته آنذاك لكان اليوم رئيساً للولايات المتّحدة الأميركية!”.
قصّة تُلهمنا نحن النساء العربيات عدم الإستسلام، وتحضّنا، لا بل تحرّضنا على الكثير الكثير من التصميم والعمل الدؤوب حتى التغيير والمشاركة الكاملة في القرار الإجتماعي والإنمائي والإقتصادي والقانوني والسياسي.