IMLebanon

أين هم المسيحيون من الرئاسة.. الى النفايات

حتى في ملف «الزبالة» لا دور للمسيحيين فيه ولم يُحسب حساب لهم لا في القرار ولا على الصعد التنفيذية وصولاً الى عدم احتساب اصواتهم في هذه المعضلة، ولم تشهد المواقف خلال اليومين الماضيين اي تصريح علني لزعيم مسيحي إما على خلفية معرفة مواقع الخلاف بالتحديد او لناحية عدم الالتفتات لهذا الصوت او ان البعض منهم ابتعد عن الروائح النتنة للطبقة السياسية والعفن المهيمن عليها.

ويقول مصدر مسيحي مطلع على المسار العام للانحدار المسيحي في المشاركة العملية للقرار في البلد ان المسيحيين قد استقالوا أو تمت اقالتهم من الادارة التنفيذية في لبنان والدلائل على ذلك كثيرة اولها وجه الشبه بين الصوت المسيحي في ملف النفايات ومدى اهميته المعدومة وامكانية ان يعلو ويكون مؤثراً في انتخابات الرئاسة الاولى، ولا يستغرب هذا المصدر ان تكون هذه المقاربة صحيحة حتى ولو كان الخلاف على «الزبالة» بين المسلمين فيما بينهم وتقاسمهم للحصص التي سينالون غنائمها حتماً في ظل كل ما يجري من عزل لمنطقة الجنوب عن العاصمة لمدة اربع وعشرين ساعة دون ان يرف جفن المسؤولين ذلك انها المرة الاولى منذ الطائف التي يتم فيها اقفال اوتوستراد دولي على خلفية الاعتراض على رمي النفايات على اعتبار ان الملف «محرز» وملايينه تستأهل تأريخ هذا اليوم للضغط باتجاه تحقيق المكاسب، واللافت ان أياً من المعنيين بهذا الوسخ على ابواب الموسم السياحي لم يرفع صوته في وجه الآخر وفق طريقة سهّل كي تستأهل فيما النساء يلدن اطفالهن على الطرقات او يتم نقلهن بحراً من اجل ايصالهن الى المستشفيات.

ويعطي هذا المصدر صورة مقلوبة للوضعية القائمة الآن للقول: لو كان الملف مسيحياً بامتياز وعمد أنصار هذا الزعيم او ذاك الى اقفال الطرقات فما الذي كان سيحدث؟ وكيف يمكن مواجهة اقله بالسياسة من الطرف الآخر وخير شاهد ما جرى في عمشيت حين اعتصم الاهالي مؤخراً على طريق جانبية تكاد تمر عليها السيارات حماية للمنطقة من نفايات الآخرين فكان الاعتصام رمزياً مسالماً ولم يشهد اية ضربة كف، وتفسير ذلك حسب هذا المصدر نابع من كون المسيحي اصبح في خانة الخوف الدائم من القوى الامنية والسياسية ولا يخالف في البناء ولا الاملاك البحرية لان سقفه منخفض وبهذا يتم قياس باقي القضايا الكبرى للوجود المسيحي ابتداء من عدم احترام اختيارهم للرئيس الذي يمثلهم أياً كان بل اصبح كل شيء مفروضاً ويأتي من يحدث الشبيبة ان المسيحيين بألف خير ولا خطر عليهم ليسأل هذا المصدر: ماذا لو اختار المعنيون مطمراً للنفايات في كسروان وآخر في جبيل فكيف ستكون ردة الفعل؟ هل باستطاعتهم قطع اوتوستراد طرابلس – بيروت لساعتين فقط احتجاجاً؟؟ الجواب هو الاستحالة بعينها ذلك ان الارادة المسيحية اصبحت في حالة اكبر من كسر الخاطر بل حقيقة الوضع القائم تبشر ان الارادة نفسها ليست قوية ولا مقدامة بل خانعة ومستسلمة لمشيئة الآتي من الحلول حتى ولو على حساب مصلحة وجودهم تماماً كما حصل في الطائف وتداعياته المؤلمة الحاصلة اليوم.

ويشير المصدر الى ان كافة الوزارات والاجهزة مستنفرة لناحية ارضاء الاهالي في اقليم الخروب وهذا حق مكتسب لهم ولكن ما هي الصورة المفترضة لواقع اي تحرك مسيحي رافض لاي مسألة مطروحة على الساحة اللبنانية، وهل يعلم المعنيون في المتن وكسروان وجبيل ان هذه الاقضية لا ماء فيها ولا كهرباء ولا طرقات ولا مستشفيات حكومية وبالرغم من ذلك يبدو المجتمع المسيحي يماثل ذلك الذي رفع العشرة استسلاماً، واذا قيل ان ملف النفايات الحالي هو كموقعة خارجة عن ارادة المسيحيين الا انهم من هذا النسيج الوطني وفق «الشراكة» المعترف فيها بالدستور ولم تتم استشارة احد ولا الوقوف على خاطر شخصية مسيحية لما يجري عند اطراف الجية وبالتالي من قال ان المنطقة تم ترحيل المسيحيين منها كي لا يتم سماع صوت واحد.

وحقيقة الامر وفق هذا المصدر ان المسيحيين هناك اصواتهم مصادرة ابتداء من المجلس النيابي وصولا الى النفايات مع العلم ان هناك نوابا مسيحيين يمثلون وفق المذهبية القائمة شريحة مسيحية لا يستهان بها وخصوصاً في الشوف حيث كان المسيحيون وما زالوا وقف لوائح الشطب يمثلون الاغلبية، ولكن وان كانوا كذلك فارادتهم مسلوبة ويكاد يتم تزيين بعض التظاهرات بكاهن من هنا او رجل دين من هناك للايحاء ان المظاهرات واقفال الطرق تتم وفق ارادة وطنية جامعة فيما حقيقة الامر يعرف الجميع من يدير اللعبة وفقا للمصالح الشخصية وما ينقص اليوم ان يتم رمي الاتهام في ملف النفايات على الشغور الرئاسي وخلافات المسيحيين فيما بينهم وهذا ما يجعل الاخرين في وضع المرتاح ولتجتاح الشكوك القيادات المسيحية التي لم تشف بعد من جروحها وجلّ ما يمكن ايراده في هذا المجال ان هؤلاء ما زالوا يفتشون عن دور يؤدونه في ادارات الدولة جزاء التهميش الحاصل منذ اتفاق الطائف واذا كانت ايدي المسيحيين قصيرة والعيون بصيرة فكان عليهم اقله التدخل في ملف النفايات كي لا يقال غداً ان المسيحيين اندثروا من لبنان واستقالوا من وظائفهم الوطنية لان من يعتبر ملف «الزبالة» مذهبياً مخطئ فهو ملف وطني وسياسي ومالي بامتياز ذلك ان مختلف الشخصيات والطبقة السياسية تتعاطى معه بخلفية استثمارية وليس من منطلق الحفاظ على البيئة وعلى المسيحيين ان يلعبوا اللعبة نفسها كي لا تذكر كتب التاريخ غداً ان هؤلاء حتى في امور «الزبالة» سقفهم منخفض!!؟