IMLebanon

أين نحن من انتاج الغاز والنفط

اننا نتحدث عن تقديرات علمية بمنظور التقنيات التي تحققت حتى تاريخه في عمليات استكشاف مكامن الغاز والنفط.

في استطلاع هيئة الاستكشاف الجيولوجي الاميركية، أن الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط الذي يمتد من جنوب تركيا الى سوريا ولبنان وغزة واسرائيل ومصر يحتوي على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز (ما يوازي 3,45 مليارات متر مكعب) و1,7 تريليون برميل من النفط.

وتحوز المياه الاقليمية اللبنانية، استناداً الى هذه التقديرات، 30 تريليون قدم مكعب من الغاز و660 مليون برميل من النفط. ويلاحظ ان ثروة الغاز اهم بكثير من ثروة النفط، فالغاز يكفينا لـ40 او 50 سنة اذا توافر، في حين ان كميات النفط لا تكفي لاكثر من 10 الى 15 سنة.

وكانت تشكلت قبل ثلاث سنوات هيئة ادارة قطاع النفط في لبنان واضطلعت بدور استشاري ذي أهمية، وقد تابعت أعمالها وشجعت على قيام برنامج لدراسات الشؤون النفطية في الجامعة اليسوعية، ووسعت طاقمها بحيث صار يشمل عشرات الموظفين.

وتفيد تصريحات مسؤولي الهيئة ان هذه قد انجزت 95 في المئة من الدراسات الفنية المطلوبة لإطلاق عمليات البحث والتنقيب والانطلاق في تهيئة الكادرات للتكامل مع النتائج المرتقبة.

ومن اجل الالمام بالصورة العامة لا بد من التركيز على عدد من المعطيات الواقعية.

منذ عام 2010 وحتى تاريخه حققت اسرائيل اكتشافات مهمة للغاز منها حقل تامار الذي يمتد الى المياه الاقليمية اللبنانية، وحقل ليفياتان أي العملاق، كما حققت شركة نوبل الاسرائيلية الاميركية اكتشافًا مع القبارصة لحقل أفروديت.

وأضيف الى كل ذلك اكتشاف حقل ملحوظ في المياه الاقليمية المصرية في ايلول من العام الماضي، والشركة التي حققت الاكتشاف هي شركة ايني اي شركة النفط الحكومية الايطالية، وهي تسعى الى استقطاب استثمارات تمكن من تطوير انتاج هذا الحقل خلال أربع سنوات. وتقدر الاستثمارات المطلوبة بستة مليارات دولار يمكن في حال توافرها تحقيق نتيجة الانتاج المتوقعة خلال أربع سنوات.

في المقابل، تسبب سوء تقدير حاجات مصر من الغاز وخصوصاً لتوليد الكهرباء، وعقدها السابق مع اسرائيل، بانقطاع صادرات الغاز المسيل من مصر، وكانت مصر تعتبر بعد قطر ثاني أكبر مصدر للغاز المسيل في الشرق الاوسط والثالث بعد الجزائر في المنطقة.

اليوم، باتت مصر في حاجة الى استيراد الغاز وقد تشكل سوقًا لصادرات تتوافر من شمال افريقيا او ربما من دول الشرق الاوسط في انتظار انتاج كميات من الاكتشاف الجديد تكفي الحاجات المحلية وتسمح بالتصدير.

وهنالك وضع مشابه في سوريا حيث تضررت منشآت انتاج الغاز، وانتاج الكهرباء المرهون بتوافر الغاز متقطع، ومع زيادة الطلب على الكهرباء عند بدء عمليات اعادة اعمار سوريا سيكون الغاز السوري بالكاد كافيًا لهذه الحاجات.

يضاف الى هذه الاعتبارات ان اسعار النفط تدنت بنسبة 55 في المئة عن مستوياتها لعام 2014، والرغبة في استكشاف مكامن جديدة قد تكون مكلفة تراجعت، والبرهان على ذلك ان عدد الشركات المهتمة بالبحث والتنقيب ومن ثم التطوير في المياه اللبنانية، انخفض بسرعة منذ سنتين وحتى تاريخه.

والسؤال يطرح الى اين نسير؟

الامر المؤكد حاليًا مع ضغط الازمة الاقتصادية والمالية (على موارد الدولة في مقابل نفقاتها) ان على لبنان معالجة عجز الموازنة بسرعة، ولن يكون بالامكان تحقيق ذلك بزيادة معدلات الضرائب، فالمؤسسات الخاصة والمواطنون العاديون يواجهون ضغوطًا لا تمكنهم من تحمل اعباء اضافية. والاقتصاد اللبناني يعاني الانكماش منذ سنتين واكثر.

والمطلوب دون تأخير، انجاز القوانين والتفسيرات القانونية لتي تسمح بإنجاز اتفاق للبحث والتنقيب عن النفط، والابتعاد عن حساسيات السياسيين بالنسبة الى مواقع بدء البحث والتنقيب، هل تكون في أقصى الجنوب أم في أقصى الشمال أم بين بين. على اللبنانيين ان يدركوا ان ثروة النفط هي للبنانيين كانت عبر واردات الخزينة، وطرق استعمالها، وبصورة أهم ربما توسع مجالات العمل، وخصوصاً اذا ترافقت الاتفاقات للبحث والتنقيب، مع مبادرات لزيادة طاقة انتاج الكهرباء اعتمادًا على الغاز، وتوسيع مرافق التكرير في لبنان.

يستطيع لبنان من طريق معالجة نفاياته في معامل تشابه معمل صيدا – بطاقة 500 طن يوميًا – اضاءة شوارع صيدا دون كلفة محروقات في معامل انتاج الكهرباء.

اذا أقر الحكم في لبنان انجاز أربعة معامل اضافية تماثل معمل صيدا بحيث تكون الطاقة الاجمالية الحديثة لمعالجة النفايات على مستوى 2500 طن يوميًا، اضافة الى 1200 طن يمكن معالجتها في معامل الكرنتينا على دورتين يوميًا بعد اعادة ترميمها وترفيعها فلا تعود ثمة حاجة ملحة الى مواجهة موضوع النفايات خلال 10 سنين. وفي المناسبة، يجب التذكير ان كلفة معمل بطاقة 500 طن يوميًا كمعمل صيدا لا تزيد على 50 مليون دولار، والمعامل الاربعة الممكن انجازها تبلغ تكاليفها 200-250 مليون دولار أي نصف كلفة معمل حراري واحد من المعامل التي اقترحتها مجلس الانماء والاعمار.

ويحظى لبنان، بعد سنتين يفترض انجاز المعامل الاربعة خلالها، بإنتاج للكهرباء من النفايات العضوية قد يغطي نسبة 10 في المئة من مجمل الحاجات. وللتذكير، فإن لبنان قد وقع اتفاق ضبط حرارة الكرة الارضية الذي انجز في باريس اواخر 2015، والتزم خفض معدلات التلوث جذرياً قبل سنة 2030، ولن يكون ذلك ممكناً ما لم ننجز محطتي كهرباء بطاقة 1000 ميغاوات تعملان على الغاز السائل المستورد في انتظار توافر الغاز من مياهنا الاقليمية – هذا اذا انجزنا اتفاقات خلال هذه السنة، والامر يبدو شبه مستحيل لان العطلة الصيفية قاربت ان تحل علينا، ومنذ بداية تشرين يجب ان يذهب الاهتمام الى ارقام الموازنة، وضبط العجز.

نأمل ان يستطيع السياسيون النظر في الجداول الزمنية المطلوبة للانجاز، وعسى ان تكون بلدية بيروت المبادرة على صعيد التعجيل في عمليات معالجة النفايات والاستفادة من الطاقة التي انتاجها منها.