Site icon IMLebanon

أين أنتما يا إبراهيم ويا ملحم؟  

يفترض أن يكون المراقب «غريباً عن أورشليم» السياسة اللبنانية كي لا يرى أن «الثنائي المسيحي» يعاني كثيراً. حتى ليصحّ القول إنّ ما بين طَرَفي هذا الثنائي وضعاً يكثر فيه اللاتعاون السلبي على التعاون الإيجابي.

صحيح أن التمايز بينهما كبير في الأساس وفي التفاصيل. والتمايز أمر حيوي وربما يكون ضرورياً ومفيداً في المبدأ، إلاّ أن حال التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية حال… وهي تجاوزت التمايز الى ما يمكن وصفه بالخلاف على معظم الأمور والقضايا التي تواجههما يومياً تقريباً. ولا نبالغ إذا قلنا إن الحقبة التي أعقبت تلك الورقة المشتركة (ورقة معراب) قد شهدت إنعدام التنسيق الحقيقي، أو التنسيق الفعّال، قياساً الى النتائج على الأقل.

معلوم ومفهوم أيضاً أن ما بين هذين المكوّنين الحزبيين من بُعد عميق الرؤية السياسية الى بعض القضايا هو مما يصعب معه التوصل الى توافق أو الى موقف موحّد. مثال ذلك الموقف من حزب اللّه ودور المقاومة تحديداً… ولكن الخلاف لا يُقتصر على نقط الخلاف المبدئية بل يتناول الأمور التفصيلية.

ولو شئنا أن نذكر لأمكننا تعداد الكثير من الأمثلة. ونكتفي بالإشارة الى الإنتخابات البلدية التي كان التنافس بينهما فيها أكثر من التلاقي في معظم البلديات. وأمّا المنافسة الشديدة في الإنتخابات النقابية فحدّث ولا حرج، ما يعرفه الجميع تقريباً. وفي مجلس الوزراء قلما يلتقي الطرفان على بند مهم (…).

فما هو هذا التفاهم، وهل لا تزال تصح تسمية «الثنائية المسيحية»؟!.

قد يكون مطلوباً من النائب إبراهيم كنعان والوزير ملحم رياشي أن يستأنفا جهوداً ربما ستكون مضنية ولا تقل ضنى عن منطلق عملهما الذي إنتهى بحدث كبير هو وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية طبعاً بعدما إتخذ الرئيس سعد الحريري ذلك الموقف الكبير بدعم ترشح عون، وطبعاً أيضاً بعدما التزم حزب اللّه التزاماً إستثنائياً بدعم ذاك الترشح الذي يبدو أن الكثرة من الأطراف اللبنانية لم تخرج من صدمة نتائجه بعد.

وإذا استمر «اللاإتفاق» بين التيار والقوات فقد لا يكون مستبعداً أن يصل الإثنان الى مأزق كبير في الإنتخابات النيابية المقبلة سواء أأُجريت في أيلول المقبل أم في ربيع العام 2018.

ولا يجدي القول إنّ الحزبين ليسا حزباً واحداً… ولا ترداد المقولة السقيمة أن التعددية هي ميزة «المجتمع المسيحي»… كما لا يجوز التلطّي وراء الإدعاء بأن «الآخرين» (من شيعة وسنة) لا يريدون للثنائي أن يحقق أرقاماً باهرة في الإنتخابات النيابية تمكنهما من الحصول على الثلث (معطّلاً أو غير معطل … سيان).

فالوضع هو هنا: هذه التجربة التي لقيت تأييداً كبيراً داخلياً وخارجياً (الڤاتيكان مثالاً) معرّضة للسقوط بالضربة القاضية… إلاّ اذا كان هدف الطرفين الوصول (معاً) الى الإنتخابات النيابية ولو بشق النفس، لتنتهي في ما بعد «رِفقة أحد انتخابي».

وإذا كان معلوماً أن تكون الإنتخابات الرئاسية هي الهدف، وإذا كان مفهوماً كذلك أنّ كلاً من رئيسي الحزبين يمشط ذقنه منذ اليوم، فالذين إندفعوا في تأييد قيام الثنائي يضعون الأيدي على القلوب خشية أن يطلع الطرفان من المولد بلا حُمّص!