Site icon IMLebanon

أين “مرونة” ظريف في التصعيد الداخلي؟ اختلال إقليمي يدفع بالاهتراء قدماً

أثار التعطيل المستمر الذي حمله وزيرا التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بو صعب الى مجلس الوزراء مجددا وبحدة اكبر من السابق لجهة المنطق اللذين تحدثا به والذي كان في رأي مصادر سياسية بمثابة تعويض معنوي عن محدودية الحشد العوني في ساحة الشهداء نسبة الى ما كان يحشده التيار تاريخيا، تساؤلات عما اذا كانت زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف وستبقى من دون صدى ايجابي فعلي. فهو اذ قال انه يحمل رسالة سلام للعاصمة اللبنانية مشددا على الاستقرار الداخلي ومشيدا بقوة بالرئيس تمام سلام وادارته الحكيمة، فان اداء التيار العوني وشعاراته في الشارع كما في مجلس الوزراء كانت جميعها خارج “الكلام الديبلوماسي الجيد” الذي سمعه المسؤولون اللبنانيون من المسؤول الايراني. واذ يستتبع الامر استمرار اعلان “حزب الله” دعمه لمواقف زعيم التيار العوني وفق ما عبر عنه كلام الوزير حسين الحاج حسن في مجلس الوزراء من ان الحزب يستمر في دعم العماد ميشال عون على طول الخط في المستقبل كما في الماضي، فان الاداء العوني بالاضافة الى دعم الحزب اللذين يبقيان من دون اي تغيير ولو لاسباب داخلية تتصل برد الجميل له عن استمرار تأمين التغطية السياسية له، لا يشيان بالنسبة الى مصادر وزارية بان امالا بحلول قريبة قد يكون حملها ظريف. وهذا لا يتناول فقط غياب الامل في امكان تحريك موضوع رئاسة الجمهورية، بل نقيضها ايضا اي استمرار المماحكة الداخلية ما دام هذا الفريق قادرا على الازعاج المستمر وعلى تعطيل مجلس الوزراء في محاولة لتحقيق طموحاته على رغم ان موضوع التمديد لقائد الجيش قد حسم ولا عودة ممكنة الى الوراء. ومن هنا مثار التساؤل الذي طرحه مسؤولون رسميون حول اين يمكن ان يصرف او يسيل الكلام الايراني الديبلوماسي الموزون والمدروس في السياق الراهن، خصوصا ان التصعيد العوني في الشارع كما في مجلس الوزراء فتح جروحا سابقة مع تيار المستقبل من خلال العودة الى فتح ملفات ايام الشهيد رفيق الحريري بحيث يمكن ان تستفز مواقف تهز الاستقرار لولا ان ثمة قرارا حكيما بعدم الانجرار الى الاستفزاز العوني ايا يكن الثمن. لكن الامور قد تخرج احيانا عن ضوابطها.

لعل هذا التصعيد تقول مصادر وزارية يستدرج ايضا ما ذهب اليه المسؤول الايراني في الحديث مع الرئيس تمام سلام لدى البحث في موضوع انتخابات الرئاسة من ان رقصة التانغو تحتاج الى اثنين ولا يقوم بها طرف واحد في اشارته المضمرة الى الحاجة الى حوار ايراني سعودي على هذا الصعيد من اجل اتمام الاستحقاق الرئاسي اللبناني. وهذا الكلام الايراني يدحض في الدرجة الاولى على نحو لا يقبل الشك اي توهمات او تكهنات داخلية بان الانتخابات الرئاسية قد تكون ممكنة في الاشهر المقبلة اي في ايلول او في تشرين وفق ما يحلو للبعض ان يعتقد ما لم يفتح باب الحوار السعودي الايراني في المنطقة بحيث يندرج من ضمنه الاستحقاق اللبناني. وهذا يبدو شرطا ايرانيا لا تبدو ان عقدة الرئاسة ستفك من دونه حتى لو استمر الشغور الرئاسي بضعة اشهر حتى ما بعد بدء السنة الجديدة على نحو يشبه فك عقدة الحكومة الحالية التي لم تؤلف الا بعد اقتناع ايراني وسعودي بتسهيل تأليفها تأمينا للاستقرار الداخلي ولحمايته في زمن انشغالات تصرف الدول المعنية عن لبنان. وليس واضحا في الوقت نفسه ما اذا كانت زيارة ظريف الى لبنان رمت حجرا في المياه اللبنانية الراكدة بحيث تستفز المسؤولين السعوديين او تثير اي رد فعل لديهم بحيث يمكن ان تستدرجهم الى الحوار وفق التوقيت الايراني انطلاقا من موضوع الانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي يسود انطباع في بيروت ان العاصمة السعودية منشغلة بامور واهتمامات اقليمية اخرى كاليمن في الدرجة الاولى وكذلك سوريا التي تحركت الديبلوماسية السعودية بقوة على خط نسج مشاريع حلول مع موسكو كما مع حلفائها الى جانب انشغالها على الارجح بمسائل سعودية داخلية في ضوء التهديدات الارهابية التي تعرضت لها المملكة في الاشهر الاخيرة بحيث يبدو الفريق السياسي اللبناني الذي يستند الى مرجعيتها بعيدا من القدرة على امتلاك الاوراق لاقتراح حلول جذرية او الدفع في اتجاهها بالتنسيق مع المملكة بالذات او انطلاقا منها. وهذا الامر يشكل تحديا كبيرا لمسؤولين لبنانيين كثر بمن فيهم اصدقاء للمملكة في محاولة لاستكشاف معالم السياسة السعودية الجديدة من خلال اسلوب سعودي لا يبدو واضحا حتى الان على الاقل ازاء لبنان وازاء الفريق الذي يعتمد عليها من حيث المبدأ ولو ان هذا الاسلوب لم يخرج او يؤشر الى اي خروج عن الثوابت السعودية المعروفة في لبنان. لكن ليس خافيا ان الفريق السياسي الموالي لها يواجه صعوبات جمة تعوق الكثير من امكان مبادرته او تحركه ان في داخل فريقه اللبناني الاوسع او في داخل طائفته كما على الصعيد السياسي ما يترك الكثير من علامات الاستفهام التي لا يجد المسؤولون اللبنانيون المهتمون اجوبة عنها في الوقت الذي لا تبدو متوافرة البدائل لتوقعاتهم. لكن ذلك يحجب في الوقت نفسه اي توقعات محتملة عن امكانات رد الفعل السعودي وتوقيته وماهيته، ما يبقي الوضع السياسي الداخلي في سياسة الاهتراء حتى اشعار آخر.