IMLebanon

أين التقرير الدولي  من الواقع اللبناني؟

كما في بيروت كذلك في نيويورك وعواصم المنطقة والعالم: لا أوهام حول حال القرار ١٧٠١ الصادر عن مجلس الأمن قبل عشر سنين، ولا نقص في ديبلوماسية بيانات للأرشيف. فالكل يعرف ان موازين القوى والمصالح في صراعات المنطقة تفرض الحؤول دون حدوث ما لم يحدث منذ ٢٠٠٦. أولا بالنسبة الى سدّ الثغرات ومنع الخروق في المرحلة الأولى من تطبيق القرار. وثانيا بالنسبة الى المرحلة النهائية التي لم يبدأ تطبيقها بعد، لجهة الانتقال من وقف الأعمال العدائية الى وقف النار التام.

لكن لبنان يكرّر في كل مناسبة التأكيد على التزامه القرار الدولي والمطالبة بتطبيقه بكل مندرجاته. والأمم المتحدة تكرر المطالبة بوضع حدّ لكل ما يخالف القرار ويحول دون تطبيقه الكامل. ولا شيء يتغيّر بالطبع. ولا أحد يستغرب التفاهم الضمني على قراءة البيانات الوزارية والتقارير الدولية كأنها حبر على ورق.

ذلك ان التقرير الدوري الأخير الذي قدمه الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس الى مجلس الأمن عن تطبيق القرار ١٧٠١ هو نسخة منقّحة ومزيدة عن التقارير التي قدمها سلفه بان كي مون على مدى سنوات. فالتركيز بالطبع على سلاح حزب الله وكل المجموعات المسلحة. والتحذير هو من ان استمرار حزب الله وسواه من المجموعات في حيازة أسلحة أمر يقوّض سلطة الدولة ويتعارض مع التزامات لبنان بموجب القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١، ويؤثر في عودة لبنان الى الانخراط البنّاء مع المنطقة وفي ثقة الشركاء الدوليين.

أما المطلوب، فانه نزع السلاح بمعاودة الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية الوطنية. وهو أيضا دعوة حزب الله وكل الأطراف اللبنانيين الى وقف أي تورّط في النزاع في سوريا، والقول ان حركة المسلحين والمواد الحربية عبر الحدود اللبنانية – السورية هي خرق للقرار ١٧٠١. فضلا عن أهمية ان يواصل لبنان إظهار التزامه الحقيقي وتقيّده بالقرار ١٧٠١ وعن ضرورة الاستمرار في سياسة النأي بالنفس عملا باعلان بعبدا.

وأما الواقع، فانه ناطق بما يعطي الصورة الفعلية للوضع. فالحوار حول الاستراتيجية الدفاعية على مدى سنوات بدأ، بصرف النظر عن الأوراق المقدمة والاقتراحات، مجرد حيلة لشراء الوقت هربا من الضغوط الدولية لنزع سلاح حزب الله، وبالتالي للتفاهم على صيغة تكرّس شرعية السلاح. وما انتهت اليه سياسة النأي بالنفس عن النزاع في سوريا وصراع المحاور الاقليمية هو النأي بالنفس عن انخراط حزب الله في حرب سوريا. حتى السلاح الفلسطيني الذي لا وظيفة له، والمقرر نزعه بالاجماع في الحوار الوطني، فانه باقٍ.

والمعادلة التي أعاد المجتمع الدولي تكريسها بعد الكلام الرئاسي الأخير مقلقة: لبنان الرسمي يكشف نفسه، وهو يغطي سلاح حزب الله.