بدأ المسؤول السابق الذي رافق وتابع عن كثب التحرّكات واللقاءات الأميركية مع قادة الشرق الأوسط وزعمائه اللقاء بالحديث عن العراق واليمن والمملكة العربية السعودية، قال: “هناك مدينتان لهما رمزيّة معينة وهما خط أحمر في شكل أو في آخر. الأولى في العراق واسمها تكريت والثانية في اليمن واسمها تعز. سقوط تعز بيد الحوثيّين جعل السعودية تثور. واستعادة تكريت من “داعش” بإشراف خبراء إيرانيين بواسطة الجيش العراقي و”الحشد الشعبي” ستجعل السعودية تثور ايضاً ومعها سنّة العراق. في التطورات الجارية ستحاول السعودية، بسبب غضبها من أميركا لوقوفها مع إيران، أن تكون لها ميليشياتها في العراق بل في المنطقة كلها، أي “داعش” و”النصرة” و”القاعدة” وتنظيمات أخرى كثيرة غيرها. إيران كانت “شاطرة” ومارست سياسة بارعة. فهي تخلق أجساماً عسكرية ليس للاستيلاء على السلطة ولكن لتجميد عمل السلطة ولتحدّيها في استمرار. تماماً مثلما فعل في لبنان ولا يزال يفعل “حزب الله” و”أنصار الله” في اليمن وميليشيات عدَّة في العراق وفي كل دولة تستطيع التسلل إليها. والهدف من هذه السياسة هو الابتعاد عن المسؤولية المباشرة عن الدول التي تحكمها مباشرة بواسطة الميليشيات وعن أحوالها الاقتصادية والاجتماعية وما إلى ذلك. وهو أمر ليست قادرة عليه ولا تريده. وبذلك يصبح هناك في كل دولة فريقان. واحد سنّي نظامي ومعه جيش من الميليشيات المتطرّفة، وآخر شيعي مع إيران ومنها. لكن الفرق بين الاثنين أن الجيش الشيعي والميليشيات الداعمة له، اذا سمّيناه كذلك، منضبط ويلتزم قرارات إيران بالحرف وينفّذها، في حين أن الجيش السنّي والميليشيات المؤيِّدة له وبسبب التنوع فوضويون، ولكل منهم قيادته وأهدافه. ولا تستطيع السعودية أو غيرها فرض قراراتها عليهم وإلزامهم تنفيذها. لكنها، رغم ذلك، تستمر في تمويل هذين الجيش والميليشيات ودعمهما بسبب حاجتها إليهما”.
السؤال الآن هو: هل تذهب المنطقة إلى حرب مذهبية شاملة؟ قلتُ. أجاب المسؤول الأميركي السابق نفسه: “الحقيقة أن الذهاب إلى حرب كالتي ذكرت أمر محتمل وغير محتمل في آن واحد. لا أحد يستطيع إعطاء جواب واضح وجازم عن سؤالك. علماً ان التشاؤم بالنسبة إلى هذا الموضوع يبقى الطاغي. التحرّك السعودي (العسكري) لن يحسم، في رأيي، الوضع في اليمن. هل ستتدخّل إيران فيه عسكرياً؟ هل هي قادرة على ذلك؟ هل يتفجَّر اتفاقها المحتمل مع أميركا حول النووي بسبب ذلك؟ وصول إيران إلى باب المندب والبحر الأحمر يُقلق السعودية بل يخيفها. لكن ماذا عن أميركا؟ ألم تعد قلقة من ذلك؟ أوليست قلقة من ذلك؟ المنطقة مشتعلة كلها، وربما تصل النار إلى شرق السعودية والبحرين. ما هي مصلحة أميركا في الخروج من المنطقة بعد التفاهم مع إيران؟ وهل لها أساساً مصلحة في ذلك”؟ سألتُ: هل تترك أو تتخلى أميركا عن 85 في المئة من مسلمي العالم وكلهم سنَّة كرمى لعيون 82 مليون شيعي إيراني وباقي الـ15 في المئة الذين هم شيعة العالم؟ لو فعلت ذلك تخرب الأكثرية المسلمة السنّية بيت أميركا وبيت العالم. أجاب: “ربما لهذا السبب قد تترك أميركا الاقتتال المذهبي يصل إلى ذروته. طبعاً قد يرتب عليها هذا الموقف أخطاراً أمنية جدية عليها. لكنها تستطيع تحمُّلها. وهي نجحت بعد إرهاب 11 ايلول 2001 حتى الآن أي خلال 14 سنة في تلافي تعرضها لإرهاب مماثل له. طبعاً سبق هذا الارهاب الكبير عمليات ارهابية مؤذية لأميركا في السنوات أو العقود السابقة. لكنها لم تكن في مستوى ايلول 2001. على كلٍّ، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو اين مصلحة أميركا؟ هل هي مع الشيعة في المنطقة أم مع السنّة؟ ربما تكون مع الشيعة. ذلك أن السنّة بتشدّدهم وتطرُّفهم قد يكونون أكثر خطراً عليها من هؤلاء. تذكَّر أن الوهابية كانت “رحم” تنظيم “القاعدة” ولا تزال “رحم” كل الحركات الاسلامية المتطرِّفة. كلهم يؤمنون بابن تيمية والمودودي. وكلهم يقتلون ويقطعون رؤوساً ويحرقون بشراً. أحدهم قال في مقابلة تلفزيونية إن أحد الخلفاء الراشدين أبو بكر الصدّيق أمر بحرق انسانٍ في حينه. فضلاً عن أن في الكتب القديمة المرجعية للفقه الإسلامي تجد ما فعله ويفعله المتشدِّدون مثل “داعش” و”القاعدة” وغيرهما. لا يفيد إنكار ذلك. الأزهر الشريف أصدر فتوى بصلب وقتل وقطع أيدي وأرجل بعد قتل المتطرفين 21 قبطياً ذبحاً. ألا يعني ذلك أن العقوبة المعترض عليها واحدة عند الاثنين؟”.
ماذا يجب ان يحصل لمواجهة ذلك، في رأيك؟