كان لافتاً القرار الذي صدر عن المحكمة السنّية الشرعية العليا في بيروت بتبرئة المفتي السابق محمد رشيد قباني الذي انتظر الذين ادعوا عليه بعد انتهاء ولايته قانوناً وكان بإمكانهم التقدّم بالدعوى خلال الولاية.
وتتساءل الأوساط عن مصير الدعوى المقامة ضد ابنه راغب قباني وشريكه الهارب رشيد التنير المتواري في السعودية منذ تقديم الدعوى، أيُعقل أنّ أحداً لم يسأل عنه أو يقوم باستدعائه والإستماع إليه؟.
وكان صدر بتاريخ 2018/7/11 الحكم عن هيئة المحكمة الشرعية السنّية العليا في بيروت، في قضيّة متولّي موقف العلماء المسلمين السنّة في لبنان.
ولقد كثر اللّغط حول الحكم المذكور نظراً لحساسية موضوعه ومسيّسه بأعلى سلطة دينية في الطائفة السنّيّة.
وفي محاولة لوضع الأمور في نصابها الصّحيح، وحتى لا يقع الرّأي العام اللبناني عموماً والسّنّي خصوصاً في التباسات وسوء فهم وعسر هضم لهذه القضية الكبرى.
نقول في هذا الحكم المثير للجدل في أوساطنا الدّينيّة والإجتماعية ولا سيّما عبر وسائل الإعلام وميديا التّواصل الإجتماعي؛ لن تمرّ هذه الجريمة مرور الكرام ولا يمكن إسكات صوت الحق بحكم من هنا أو قرار من هناك.
وبوصفي نقيباً للصّحافة اللبنانية لن أدخل في جدليّة الوضع القانوني والإجتهاد لهذا الحكم سواء في مرحلة البداية أم في مرحلة الإستئناف.
ومن أجل حسن العرض والإستنتاج أقول إنّ هناك مسؤولية كبرى تقع على متولّي وقف العلماء المسلمين السّنّة في لبنان سواء أكان هذا المتولّي رئيساً للطائفة أم أميناً للفتوى، فلست هنا لأناقش في العناوين بل لأحاسب في المضامين.
لقد ثبت للقاصي والدّاني أنّ هناك اختلاساً وقع في وقف العلماء المسلمين، وأنّ هناك مسؤولاً عن هذا الإختلاس. لذا، يجب أن تتمّ المحاسبة على هذه الأفعال الجرميّة بصرف النّظر عن هويّة الفاعل.
كما أنّني لن أدخل في موضوع صفة المدّعي أو عدم صفته، فما يهمّنا هو الملاحقة ومحاسبة الفاعل وإنزال العقوبة المستَحقّة عن هذه الأفعال. إذ ينبغي على القضاء المختصّ إجراء التّحقيقات اللّازمة مع من يجب إستماعهم من فاعلين أو مشاركين أو متدخّلين أو محرّضين عن جريمة إختلاس هذه الأموال.
ولا يهمّني هنا كما لا يهمّ الرّأي العام من سيتّخذ الإدّعاء الشّخصي بحق هؤلاء.
إذ يكفي أن يكون الحقّ العام بحد ذاته ، هو المدّعي وهو الفيصل والحكم في آن.
وأذكر قبل الختام كلمة لأحد أعمدة السّياسة في لبنان: إنّ من يختلس أموال الأوقاف فإنّه “ينحر طائفته”.
ومن وجهة نظرنا كنقيب للصّحافة اللّبنانية فإنّنا نرى في هذا الملفّ أنّ هناك جرائم تتعلّق باختلاسات ماليّة أو ما شاكلها، وأنّه يجب أن يُصار إلى متابعة الملفّ أمام القضاء العدلي المختصّ.
ومن هذا المنطلق وأمام جميع الأمور المتعلّقة بهذه التّهم في حال ثبوتها: يجب أن يُصار إلى الإدّعاء على كلٍّ من (راغب قبّاني) وشريكه (رشيد التّنّير) والمتدخّل أمام القضاء المذكور، وأن يُصار إلى إدخال المفتي السّابق في الدّعوى لسماع إفادته، والوقوف على معلوماته في هذه القضيّة لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، والإستماع أيضاً إلى القاضيين والشّيوخ الثّلاثة للوقوف على معلوماتهم في القضيّة ومن أين إستقوا هذه المعلومات، وأن تكون هذه المراجعة الشّاملة لهذا الملفّ من قبلنا بمثابة إخبار إلى حضرة النائب العام التمييزي، للتّفضّل بالإطّلاع وإجراء المقتضى القانوني بهذا الشّأن الجلل.
والله ولي التّوفيق
عوني الكعكي