Site icon IMLebanon

أين الخلل في تبني جعجع ترشيح عون للرئاسة؟!

على مدى الأشهر الماضية لم يترك الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله مناسبة إلا ويؤكد فيها، وعلى نحو واضح ان الجنرال ميشال عون »ممر الزامي لرئاسة الجمهورية..«.

مرّت الأيام والأسابيع والأشهر والاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة، وموازين القوى الداخلية متعادلة وانجاز الاستحقاق متعذر لأسباب عديدة، منها الدولي والاقليمي ومنها الداخلي اللبناني المرتبط عضوياً وسياسياً بالمحاور الخارجية، وتحديداً السعودي والايراني.. وقد انعكس ذلك سلبياً على عمل سائر المؤسسات، من مجلس النواب الذي دخل في غيبوبة طال أمدها، الى مجلس الوزراء الموقوفة جلساته على توافق مكوناته، الى سائر المؤسسات، الأمر الذي حرّك في بعض مواقع »المارونية – السياسية« قلقاً مشروعاً على مستقبلها السياسي، في ظل غياب رأس الدولة.. وفي ظل ربط انجاز الاستحقاق بتطورات خارجية..

عديدون رأوا في كلام السيد نصر الله »رسالة طمأنة«، وآخرون لم يروا في ذلك سوى أنه مضي في سياسة »وضع العصي في الدواليب« لتعطيل الاستحقاق والمضي في واقع الشغور الذي لم يحرك في العديد من دول القرار الدولي والاقليمي ما يكفي لانجاز طبخة الحل، مع التشديد على ان يبقى لبنان، خلافاً لسائر دول الجوار مستقراً، آمنا وبعيداً عن الصراعات المسلحة.. فكان ذلك؟!

مع انجاز »الاتفاق النووي« بين ايران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، زائد المانيا ورفع العقوبات عن ايران، تحقق لـ»الجمهورية الاسلامية« ما اعتبرته »فرصة ذهبية«.. عززت من حضورها الاقليمي وأمدها بمزيد من القدرات، كما عزز من مخاوف الفريق الآخر وقلقه من السياسات التي اعتمدتها ايران على مدى السنوات الثلاثين ونيف في سائر دول الجوار.. ولم يكن لبنان بمنأى عن ذلك، وقد رأى أفرقاء أساسيون في 14 آذار، بتبني »حزب الله« ترشيح الجنرال عون، تعبيراً عن »فائض قوة كافية ليحاول فرض ما يريد..« الى ان جاء »اعلان معراب« ليعيد خلط الاوراق على نحو لافت وشديد الغموض، وهو جاء من أبرز وأشد خصم لجنرال الرابية، رئيس »القوات اللبنانية« سمير جعجع..

بعياً عن السيرة التاريخية، وما تعرضت له العلاقات بينهما التي وصلت الى حد القطيعة والاحتراب، سواء عبر »توحيد البندقية« او عبر »حرب الالغاء«.. فإن ما حصل في معراب يوم الاثنين الماضي كاف ليؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين أبرز مكونين في »المارونية السياسية« »وليتوج« جعجع الحاضن الأكبر لخصمه الماروني وليخرجه من ظلمات نفق الانتظار على طريق بعبدا، الذي طالما »استقتل »للوصول اليه، ليضعه على السكة الصحيحة، فبدا الحكيم وكأنه »المنقذ من الضلالة العمياء والداهية الدهياء« والرجل الأكثر أهلية لتزعم »المارونية السياسية«؟! وقد ضحى من جديد بموقعه كمرشح للرئاسة منافساً لرجل الرابية.. ومن حيث لم يحتسب الرجلان جاءت العقبات.. فـ»تيار المستقبل« الحليف الأساس لجعجع لم يكتم صدمته، وهو تحسب لها من خلال ما تسرب من معلومات عن احتمال تبني جعجع ترشيح عون، باتفاق »جدي لكن غير رسمي« بين الرئيس سعد الحريري ورئيس »تيار المردة« النائب سليمان فرنجية، العضو في تكتل »التغيير والاصلاح« الذي يرأسه الجنرال عون.. ما أفقد جعجع صوابه، »فكان ترشيح الحريري لفرنجية للرئاسة لم ينزل برداً وسلاماً على قلبي، ولكنه ليس العامل الحاسم لترشيحي عون..« على ما قال رئيس »القوات« ليل أول من أمس من على شاشة الـM.T.V.

من المبالغة الحديث عن مواجهة بين الرجلين.. لكن ما لا شك فيه ان تبني جعجع ترشيح عون أحدث ارباكاً ملحوظاً لدى كثيرين، لم يكونوا يتوقعون ان تصل اللقاءات البعيدة عن الأنظار بين مندوبي الرجلين الى هذا المستوى وعلى هذا القدر من السرعة.. ولم يقتصر الأمر على »المستقبل«، بل ان »حزب الله« وعلى ما يظهر، كان الأكثر احراجاً وقد وضعه عون في »بيت اليك« على ما يقال في الفارسية وذلك على الرغم مما يفصح قياديون في »التيار الحر«، على ان عون كان حريصاً على ان يضع قيادة »حزب الله« في اجواء الاتصالات واللقاءات مع جعجع، لحظة بلحظة.. والذي يتابع اعلام »حزب الله« ومواقف قياداته السياسية تأخذه الدهشة، جراء التعاطي بهامشية لافتة مع »اعلان معراب«.. وسيطرة اخبار ايران وقياداتها، من كبيرهم الى صغيرهم، على شاشة »المنار«، حتى يخيل للمراقب أنه أمام محطة ايرانية تنطق باللغة العربية؟!.

من حق »حزب الله«، وهو ابن البيئة اللبنانية الصرف، ان تكون له خياراته السياسية، وغير السياسية واصطفافاته، لكن التوغل بعيداً في ادارة الظهر لأبرز استحقاق، دليل على ان الحزب »مربك وعلى نحو أكثر مما يتصور كثيرون..« فويل له ان مضى في خياره عون »ممراً الزامياً لرئاسة الجمهورية وقد تبناه الخصم اللدود للحزب، سمير جعجع، أحد أبرز قيادات 14 آذار، وويل له إن انقلب على مواقفه، والأمين العام السيد نصر الله، لم يجف حبر كلامه بعد، وهو يؤكد ان التزامه مع عون هو »مبدأي وأخلاقي و..«؟! ما يعزز لدى خصوم الحزب قناعة بأنه، وعلى رغم كل ما يقال، فإن لا مصلحة له – أقله في هذه المرحلة التمهيدية لمرحلة جديدة في المنطقة، ان يكون للبنان رئيسس لا يواليه مئة في المئة..

الواضح، وعلى ما يقرأ كثيرون، ان »حزب الله« لا يجد حرجاً في التمهل لاعطاء موقف نهائي فمن انتظر نحو سنتين تقريباً قادر على الانتظار أشهراً.. لاسيما وان الحزب ينتظر ما ستؤول اليه الأوضاع الاقليمية، وتحديداً في سوريا ليبنى على الشيء مقتضاه.. مع مراعاة ان لا يثير في النائب فرنجية أي ردة فعل سلبية.. خصوصاً وعلى ما ظهر، فمن الواضح، إن جعجع لا يستطيع توفير اللازم لوصول عون الى سدة الرئاسة الاولى، و»حزب الله« كذلك، خصوصاً وان مواقف حلفائهما لم تتبلور كفاية بعد والرئيس نبيه بري، والنائب وليد جنبلاط »يعدّون للمئة« قبل الاعلان عن موقف نهائي.. خصوصاً أكثر ان »الاستحقاق دخل الثلاجة« ولم تتوافر الظروف كفاية بعد لاخراجه منها؟!