IMLebanon

الى أين سباق اللاءات في التحولات هنا وحولنا؟

ليس على الطريق الى الانتخابات النيابية سوى سباق اللاءات الذي يشارك فيه الجميع. لا للتمديد، لا للفراغ، لا لقانون الستين، ولا متحركة يستخدمها هذا الطرف أو ذاك ضد أي مشروع قانون غير مناسب له. ولا يبدّل في الأمر اننا انتخبنا المجلس النيابي على أساس قانون الستين، وتركناه يمدّد لنفسه مرتين، وعطلناه عن العمل لشهور طويلة، وتكيّفنا للمرة الثالثة مع مخاطر الشغور الرئاسي. ولا شيء يوحي ان ضغط الوقت القليل الباقي من العمر الممدد للبرلمان يضمن الوصول الى محطة نعم في نهاية الطريق.

والأخطر هو صعوبة الخروج من الورطة الكبيرة والعميقة التي نحن فيها، ولو توصل أمراء الطوائف الى اتفاق على قانون جديد للانتخاب. فنحن ضحايا ساسة محترفين يتشاطرون ليرتكبوا أخطاء هواة، بحيث يأخذوننا الى أسوأ مما يأخذنا اليه الهواة. والمناخ مسموم بعصبيات طائفية ومذهبية وحزبية تتجاوز بكثير ما كان أيام الحرب. ومن الوهم، مهما تكن صيغة القانون ونظامه الانتخابي، ان نتوقع تمثيلا شعبيا سليما وصحيحا في النتائج التي تخرج من صناديق الاقتراع بالعصبيات. وفي الأساس، فان الصراع الذي يدور تحت عنوان ما يضمن التمثيل الشعبي السليم والصحيح يدار أحيانا بالحرص على منع التمثيل السليم والصحيح، وبشكل خاص على تهميش التمثيل الوطني لمصلحة العصبيات.

ثم ماذا عن ادارة البحث عن قانون انتخاب بنظرات ضيّقة في حدود مساحة المقاعد النيابية، بدل الرؤية الوطنية الواسعة الى الجمهورية ومؤسساتها في الحاضر والمستقبل؟ كيف نعزل الانتخابات، على أهميتها في الحياة الوطنية والسياسية، عن الوضع الاقتصادي في البلد والأوضاع الاجتماعية للناس وطموحاتها المشروعة؟

المفارقة هي التصرّف ضمن شيزوفرينيا سياسية: فمن جهة ندير المعارك والخلافات كأن لبنان جزيرة معزولة عن المنطقة والعالم. ومن جهة أخرى نرتكب كل الأخطاء والخطايا الممكنة ونراهن على القوى الاقليمية والدولية لتساعدنا في تصحيح الأخطاء ومحو الخطايا ونتصور انها تعمل ليلا نهارا لانقاذنا من أنفسنا. والكل يعرف ان هذه القوى تلعب بنا، وتحافظ على حد أدنى من الاستقرار في لبنان لأنه يقدم خدمات ضرورية لبلدان المنطقة المضروبة بحروب ولبلدان العالم التي تدير اللعبة. فضلا عن ان عصبياتنا مرتبطة بالعصبيات في المنطقة بما يؤكد التأثر بسلبيات المنطقة من دون ضمان الافادة من ايجابياتها حين تحدث.

على مدى ثماني سنوات ونحن نتجادل حول قانون انتخاب من دون نتيجة. وخلال ثماني سنوات صار البلد غارقا في الفقر والدين العام والبطالة والفساد وانحدار السياسة والسياسيين وتدفق ملايين النازحين. وما يصحّ فينا هو قول جان راسين: ما من شيء سهل، لكنك تجعله صعبا بالممانعة.